بقلم : عبدالله محمد القاق
الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على السجد الاقصى بدعم وحماية قوات الاحتلال ومنع دخول المصلين الى باحات المسجد في كل جمعة، ومواصلة الحفريات تحت المسجد في محاولة لهدمه والسيطرة عليه كما فعلت في المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل، شكلت خطوة تصعيدية كبيرة للاردن والعالمين العربي والاسلامي وهددت بانتفاضة جديدة تشمل القدس والضفة والاراضي الفلسطينية كافة بل والعالمين العربي والاسلامي لان هذا العمل مثّل سلسلة من الاعتداءات الهمجية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة ومنع حرية العبادة فيها.
ولعل اهتمام الاردن بهذه القضية يجيء في ضوء التحركات التي يبذلها الاردن لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي والقانون الانساني، فضلا عن كونها اخلالا صارخا بواجبات اسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال العسكري للقدس الشرقية. وهذا العمل لقوات الاحتلال يتمثل في تجسيد نوايا اسرائيل باقامة جسر جديد وبناء قطار هوائي يربط المسجد الاقصى مع بعض المستوطنات المحتلة بالحرم القدسي. وهذه الاعتداءات والاستباحات المتكررة دعت مجلس النواب الى اتخاذ هذا الموقف الرافض لقرارات اسرائيل ومطالبته الحكومة باتخاذ اقصى الاجراءات ضد اسرائيل ووقوف العرب والمسلمين عند مسؤولياتهم لوضع حد لهذه الانتهاكات والممارسات العنصرية الممنهجة والمتزايدة يوميا بالاضافة الى اطلاق سراح المسجونين في السجون الاسرائيلية.
لقد اكدت الاتفاقية التي تمثلت بتولي الملك عبد الله الثاني شرف الرعاية والحماية والصيانة للمقدسات الاسلامية والذي اودع الاردن اوراقها في الجامعة العربية ان الاردن يقوم بدور ريادي وتاريخي على المقدسات ويسعى كعادته لحمايتها من اي عدوان اسرائيلي او تدنيس لها بشتى الوسائل مما اكسبه صفة عربية ودولية بالحفاظ عليها.. وهذه الاتفاقية جعلت اسرائيل تقوم بهذه الاعمال الاستفزازية لجسّ نبض الاردن وقيادته لمعرفة مواقفه حيال هذه الاعتداءات والممارسات مما حدا بصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية القول ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يعد يمثل سوى نفسه بعد انتهاء ولايته من جميع جوانبها على المدينة المقدسة بعد ان مرت السنوات القانونية لولايته التي بدأها في كانون الثاني وانه لا يمكن عقد اتفاق سلام معه .
ولم تكتف اسراسيل باعتداءاتها على المقدسات الاسلامية بل اعلنت هذا الاسبوع عن مخطط اسرائيلي استيطاني جديد يهدف لبناء 296 وحدة سكنية في بيت ايل في الضفة الغربية ضاربة عرض الحائط بالوعود التي قطعتها لوزير الخارجية الامريكي كيري بوقف الاستيطان كمبادرة حسن نوايا لاطلاق العملية السلمية.. مما دعا الدول الاوربية واليابان الى توجيه الانتقاد الشديد لاسرائيل والمطالبة بتجميد الاستيطان الذي ينتهك القانون الدولي ويعتبر بمثابة عمل عدواني من جانب واحد يقضي على كل اتفاق مرتقب بين الجانبين وفقا للقرارات الدولية الرامية الى الاعتراف بالحدود الفلسطينية قبل الرابع من حزيران 1967.
فهذه الاعتداءات الاسرائيلية الرامية الى تكثيف سياساتها التهويدية وتغيير معالم القدس الشريف التاريخية والحضارية في محاولة منها لطمس الهوية العربية والاسلامية للمدينة بالجرائم الاسرائيلية المتكررة تؤكد ان هذه الممارسات غير شرعية بموجب القانون الدولي مما يتطلب من الدول العربية والاجنبية كافة القيام بواجبها لحماية المدنيين والاماكن المقدسة والحفاظ على التراث الحضاري والانساني لمدينة القدس اسلاميا ومسيحيا.
والواقع ان سياسة التنازلات العربية وخاصة الفلسطينية تجاه الاحتلال لم تعد تجدي نفعا ولا تحفظ حقا.. خاصة وان كل البيانات التي صدرت عن العالمين العربي والاسلامي باستثناء مواقف الاردن الوطنية والقومية والتي لقيت ترحيبا كبيرا من الاوساط السياسية العربية والاجنبية خاصة وان هذه المواقف العربية ما زالت اسيرة رتابة بيانات الشجب والادانة التي لم تلمس خلالها اسرائيل اية جدية في التعاطي العربي مع قضية المسجد الاقصى. ولعل التحذير الذي اطلقته الحركة الاسلامية في داخل الاراضي المحتلة من خطورة اقرار قانون جديد يتم بموجبه تقسيم المسجد الاقصى بين المسلمين واليهود يمثل صورة حية لممارسات اسرائيل في التعجيل لتنفيذ مخططات الاحتلال الهادفة للسيطرة على المسجد الاقصى تمهيدا لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم على انقاضه الطاهرة..
. هذا المشروع التقسيم الجديد من قبل الكنيست ليس بالجديد حيث سبق وقام عضو الكنيست اليميني المتطرف ارييه الداد مؤخرا بطرح مشروع قرار يقضي بتقسيم زماني للاقصى وهذا يعني ان الاحتلال يكرر مشاريعه بغية اختبار ردود الافعال حول مثل هذه الممارسات وصولا الى تنفيذها على الارض بشكل دائم وهذا يعني انه في حالة اقرار هذه المشاريع التهويدية فانه سيتم تقسيم ايام الاسبوع بين المسلمين واليهود بأن يحظر على المسلمين الدخول الى المسجد الاقصى في الايام غير المخصصة لهم بالاضافة الى حضر دخول المسلمين في اعياد اليهود وهذا دليل واضح على سعي اسرائيل لفرض السيطرة الكاملة على المسجد الاقصى في ضوء انشغال الشعوب العربية بالازمة السورية وثورات الربيع العربي، الامر الذي يتطلب من الامتين العربية والاسلامية الانتفاضة الشاملة من اجل حماية القدس وردع الاحتلال الاسرائيلي عن مشاريعه التهويدية لمدينة القدس وارغام القوات الاسرائيلية بالتراجع عن تنفيذ المخططات الخبيثة والمجرمة ضد المقدسات في مدينة القدس. وهذه الخطوات الاسرائيلية الممنهجة ضد المقدسات وخاصة المسجد الاقصى تستدعي من الفلسطينيين ولا سيما فتح وحماس العمل من اجل المصالحة وانهاء كل الخلافات بينهما باعتبار ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وضرورة التضامن والانحياز الدائم لارادة الشعب الفلسطيني في تحقيق امانيه الوطنية واستعادة القدس الشريف وتقرير المصير.