الشاهد -
عيسى غزاوي
أعتقد أننا يمكننا الاعتراف بما لدينا من تصالح مع أنفسنا أننا في الأردن نتعامل مع لعبة سياسية غير سويّة ولا مكتملة الأركان ويمكننا وصفها بأنها "هجينة" وبالتالي التفكير المنطقي والواقعي هو التعامل معها بهذا الوصف على الأقل مرحلياً.
لقد سئم الجمهور الأردني من متابعة نفس المباراة بذات الملعب وبذات اللاعبين، فاللاعبون التقليديون يسيطرون على كلّ شيء في السياسة، هم الذين يقررون وهم الذين يعارضون وهم الذين يضغطون ليتقاسموا بالنهاية النفوذ والسلطة وحتّى ربما القانون والوطنية بينهم.
وأمّا الباقي فهم لاعبون على دكّة الاحتياط إن لم يكونوا خارج الملعب أصلاً أو لا يعلمون أصلاً عن المباراة، فكل نشاطاتهم ومواقفهم السياسية لا تعدو أن تكون خارج اللعبة وذلك بسبب لعبة أكبر يلعبها "الكبار" فقانون الانتخاب الذي جرت وفقه آخر انتخابات أقصى أكبر قاعدة شعبية واجتماعية كما أقصى أكبر حزب معارضة في البلاد كما أقصى أقرب النّاس للبرامجية والحزبية وبالتالي تمّ تعطيل "لاعب النوّاب" التشريعي والرقابي إلى أجل غير مسمى.
هنا لا يمكننا تجاهل أنّ دولة رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز شخصية استثنائية ومختلفة عن سابقيه وأنّ ممارسات حكومته المفتحة على مكوّنات الشعب والقوى السياسية والقطاعات هي الأعلى مستوى منذ سنوات طويلة، وبالتالي نحن أمام فرصة له وللجميع لكي يحدثوا تبديلاً للاعبين على أقل تقدير.
والسؤال المطروح هنا لماذا تخلو الساحة السياسية الأردنية من التحالفات السياسية أو التوافقات السياسية بين اللاعبين السياسيين؟، ولماذا لا نغيّر في قواعد اللعبة قليلاً بإدخال لاعبين جدد أقربهم لمثل هذا النوع من التغيير هم الأحزاب السياسية؟، ما هي متطلبات المعادلة الجديدة؟! وما هي تحدياتها وتداعياتها؟!.
يستطيع الرزاز الذي يمثلّ لاعباً أساسياً في الدولة بالإضافة للحكومة أن يستغل هذه الفرصة بالتوافق أو التحالف سياسياً بشكل معلن على مجموعة مصالح مشتركة مع عدد من القوى السياسية الفاعلة والناضجة بالساحة السياسية وإدخالها كلاعب جديد إلى الملعب.
خطوة بحاجة لجرأة كبيرة يملكها الرزاز، ولكن تداعيات ذلك سوف تكون صعبة جداً فبمجرد الإعلان أو حتى التفكير بهذا التحالف سوف يعمل اللاعبون الآخرون على إفشاله بكل الوسائل والطرق عبر الابتزاز واستغلال القانون وفتح الملفات القديمة والجديدة والمناكفات الإعلامية إلخ.
الرزاز أمام فرصة تاريخية للتحالف مع قوى تقليدية لها عمقها الاجتماعي والشعبي والتي سوف توّفر له غطاءاً شعبياً وشرعية جماهيرية بالإضافة لقبول حكومي يمكنه من التحكم بشكل أكبر من السلطة التنفيذية وبرامجها وميزانياتها واقتصادها وأهمها أن تجعله مفاوضا أكثر قوّة أمام صندوق النقد الدولي.
السياسة هي مناكفات بالنهاية، ونحن نعيش حرباً باردة بين أجنحة الدولة ولن نخسر شيئاً في جعلها معلنة للجميع، لعلنا نعيش في أجواء ديموقراطية ساخنة في فصل شتاء بارد.