المحامي موسى سمحان الشيخ
أحد القوانين العامة التي تحكم الثورات هو ميزان القوى الذي يرتب بدوره اتخاذ الموقف كسبب ونتيجة في آن معا في جبهة وجبهة الخصم وعادة ما يحدث التوهان والعمى السياسي بل وحتى فقدان التوازن حينما يحدث الخلل الاستراتيجي في تقدير ميزان القوى تقديرا صحيحا والذي يقود بدوره كما اسلفنا الى اتخاذ مواقف وسياسات تكتيكية خاطئة وربما مدمرة.
في القضية الفلسطينية وعلى مدار قرن ونيف تقريبا هو عمر المواجهة العربية والفلسطينية من عام 1917 وحتى عام 1918 محطات كثيرة ومعارك ومواجهات اكثر بل وتداخلات شتى عربية ودولية وكل هذا لم يفقد الثورة الفلسطينية بوصلتها الاساس في تحرير فلسطين كل فلسطين كما ورد في ميثاق المنظمة في عام 64 والذي شكل نبراسا ودليلا لجميع القوى الفلسطينية والفصائل والأفراد معهم القسم الاكبر من الجماهير العربية بعيدا عن الصغائر التي كانت تحدث هنا وهناك، فالعرب رأوا في فلسطين قضيتهم المركزية مدركين حجم الاخطار الصهيونية على أوطانهم ومرتبطين شاؤا أم أبوا تاريخيا واستراتيجيا ودينيا مع فلسطين.
صحيح أن العدو الاسرائيلي – ولظروف موضوعية معروفة تكن من سلب 78% من ارض فلسطين التاريخية وشرد ثلث الشعب الفلسطيني وحول القسم الاعظم من الفلسطينيين الى لاجئين ونازحين في شتى أنحاء المعمورة مع وجود جزء كبير في الضفة وغزة وعرب 48 وفي الشتات المحاذي لفلسطين كما في فلسطيني الاردن ولبنان وسوريا ، هذه المعادلة نشأت عن حروب عديدة خاضها العدو الصهيوني ضمن جيوش عربية بامكانات هزيلة تماما كانت تفتقد بالاساس لقرار سياسي حقيقي وموضوعيا كانت جيوش شبه استعراضية ولاؤها للحاكم أكثر من ولائها للأمة والوطن وهكذا جردت حربي 48 النكبة وحرب 67 النكسة جردت الفلسطيني من مجمل أرضه وتشتت ديمغرافيته وضاعت وحدانيته المجتمعة مؤقتا وجاءت اتفاقية اوسلو عام 93 لتسقط حل الدولتين والذي سقط بدوره تماما رغم التضحيات الفلسطينية الجلي التي تمثلت بمئات العمليات العسكرية البطولية والانتفاضة الأولى والثانية وصمود غزة الاسطوري بعد أن تحولت الى قاعدة عسكرية صلبة وثابتة حيث اخرجت العدو وانتصرت عليه في 3 حروب وتمكنت رغم التآمر المذهل من كل صوب من فرض معادلة جديدة : ( دم مقابل دم، وصاروخ مقابل صاروخ الا إذا أذعن العدو وقبل فك الحصار دون أثمان سياسية) .
نقول هذا للتأكيد بأن ميزان القوى ليس مائلا تماما لصالح العدو رغم ال.. العربية الرسمية ورغم الموقف الامريكي الذي أعلن الحرب على الفلسطينيين ورغم سياسات الاستجداء التي تنتهجها السلطة وعلى رأسها التنسيق الأمني المذل، الا ان الشعب الفلسطيني بقوة وفصائله وحتى طائراته الورقية يستطيع أن ينجز الكثير ألم تنتصر جماهير الاقصى مرات ومرات على العدو، الشعب الفلسطيني – رغم الصعاب- بالف خير ما دام يرمي عدوه ويشتبك معه في كل يوم والقضية لم ولن تصفى وان غدا لناظره قريب.