د. رحيل محمد غرايبة
عمد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية إلى ترتيب لقاء موسع مع رئيس الحكومة د. عمر الرزاز للحديث حول تحديات المرحلة المقبلة، ويتسم الرزاز بالصراحة والانفتاح على الجمهور ولا يجد حرجاً بالاعتراف ببعض المعضلات التي تواجه الحكومة والدولة بوجه عام، أو الاعتراف احياناً بعدم توافر الاجابة لديه تجاه بعض الأسئلة والقضايا الشائكة، وفي الوقت نفسه يمتاز بالجلد والمثابرة وعدم الاستسلام، والتفاؤل بامتلاك القدرة على إيجاد الفرص ومحاولة البحث عنها بين ثنايا التحديات الجسام، والعزم على تجاوز المرحلة الصعبة.
لقد تم الوقوف على مجموعة من الاعترافات أو الاقرارات المهمة التي صدرت عن رئيس الحكومة اثناء حديثه مع الجمهور، ومن البديهي أن الاعتراف بالمشكلة هو المدخل الوحيد لايجاد الحلول، ولذلك يمكن الذهاب إلى البحث عن اساليب المشاركة في محاولات العلاج، ومن أهم هذه الاعترافات:
الاعتراف الأول : «التعليم العالي يعيش واقعاً مؤلماً «هذه عبارة السيد الرئيس، وهي حقيقة مرة اذ ليس من المعقول بعد مرور (56 ) عام على تأسيس الجامعة الأولى في الأردن أن يكون الواقع على هذا النحو وليس من السهل تبرير هذا التراجع المؤلم، لأنه لا عذر لكل أصحاب المسؤولية بالسماح بحدوث هذا التراجع.
عندما يكون التعليم مقهوراً، فهذا يعني أن المعضلة الأكثر خطورة تتمثل بصياغة الانسان وكيفية إعداده، ويتضح ذلك بمنتج الجامعات الذي لم ينعكس على حجم التطور والابداع الذي ينبغي أن يكون عليه واقع المجتمع الأردني بعد تخريج ما يزيد عن (52) فوجاً من الخريجين المؤهلين لقيادة المجتمع معرفياً وفكرياً.
الاعتراف الثاني : العبء الضريبي يمثل قمة اللاعدالة والظلم الاجتماعي وهذه عبارة ثانية للسيد الرئيس، التي تشير إلى الخلل الفاضح في منظومة العبء الضريبي، حيث أنها لا تتوافق مع الدستور فضريبة المبيعات على سبيل المثال التي تساوي بين المواطنين تعد في قمة الظلم، بالاضافة إلى تهرب كثير من المقتدرين على دفع ما يستحق عليهم، ولم يتم حتى الآن معالجة هذا الخلل.
الاعتراف الثالث : فقدان الثقة بين المواطن والحكومة ومؤسسات الدولة، وهذه تمثل معضلة المعضلات، حيث إن طبقات المسؤولين استطاعوا عبر تراكم الزمن نزع ثقة المواطنيين بالسلطة، وعندما تنتزع الثقة يصعب العلاج ويطول المشوار على من يريد الاصلاح.
الاعتراف الرابع : معضلة النقل واشكالية سرعة الباص السريع، وهذه معضلة أخرى لا تقل أهمية عن المعضلات السابقة، لأنها ترهق موازنة الأسر والأفراد والمجتمع، وتشكل هدراً للطاقة بالاضافة إلى خلق الأزمات وتعطيل الجهود وتضييع الوقت، ولذلك لا مجال للتقدم للامام في ظل الفشل في اصلاح منظومة النقل العام.
الاعتراف الخامس : معضلة الفساد، حيث أشار الرئيس إلى ابقاء فتح الملفات السابقة بالاضافة إلى فتح الملفات الجديدة، المشكلة في كل الاعترافات السابقة أنها عصيّة على المعالجة وهي معقدة وخاصة مشكلة الفساد التي ربما تشكل ( أسّ خراب مالطة ) ، ولا يكاد المواطن يجد فسحة من التفاؤل في تجاوزها رغم كثرة الوعود ورفع الشعارات الكبيرة في هذا السياق، اما الامر الاخر الملفت ان دولة الرئيس لم يتناول المشكل السياسي في معقل الفكر والتداول النظري للاحداث في الجامعة والوسط الطلابي والاكاديمي.