الشاهد - سأقول سنة مرّت وليس عاما مضى على غيابك ولا اقول رحيلك ,فمثلك لا يغيب ,واقول سنة اذعانا لامره تعالى في محكم قوله العزيز ' قال تزرعون سبع سنين دأبا ' فالسنة لايام الشدة والعام لايام الرخاء , وهل هناك شدّة على القلب والروح اكثر من رحيلك ؟
هي سنة اولى تمضي ثقيلة على القلب , أفتقد فيها حكمتك وصبرك على شقاوتي رغم بلوغ الشيب منّي مبلغه , لكني ودعني اكشف لك سرا , كنت اتحبب اليك بالشقاوة وكنت اسعى اليك بالوقار المصطنع , فأنا ابنك البكر واحببت ان احتفظ بهذه العلاقة الخاصة معك , فتركتني وانا في قمة نجاحي وفرحي وخذلتك وانت في هزيع العمر او الجزء الاخير من هزيع العمر , بأن سمحت لك بالغياب .
استغفر الله على الزلل , فهي ارادة الله التي لم امتلك معها شأنا ولا قوة , وانت كنت تراني القوي القادر على طي الصعاب وانجاز المستحيل ,ربما احببت ان تراني هكذا وانا لم اخذلك ولم اسعَ الى تصويب الخلل , فسرقتني الدنيا منك وسرقتك الحياة مني حين غفلة او غفوة كتلك التي تقتنصها لحظة قيلولة بين صلاة وصلاة .
والدي الحبيب , ذات رثاء قال صديق لي ' طعم اليُتم على الشيب ماسخ ' لم اتوقف عند جملته كثيرا , لكني اليوم اجد الملوحة في طعم كل اشكال الحياة وأزيد على جملته بان المرارة هي الطعم الاكثر صدقا عن الايام بعدك , فلا أحد يسحب ذكراك من تحت اسنان الحياة ولا شوكة أدمتني مثل شوكة رحيلك بعد ان استفقت ذات جمعة بأنك لم تحضر وأنا لم أجدك .
هل تقبل عذري واعتذاري , كنت دوما تقبله , وعزائي انك واجهت وجه الخالق الكريم متمما لواجبك وواجباتك , متمما واجبك الديني وقدمت افضل ما لديك من اجل اتمام واجباتك الدنيوية في تربيتنا وقضاء حوائجنا دون كلل او ملل رغم التعب والعذاب وما إرتسم على جبهتك من خطوط الوجع .
رحمك الله رحمة واسعة وتقبلك الله قبولا حسنا يليق بأب قدم افضل ما يمكن تقديمه من أب لإبن , والى لقاء مشفوع بالدعاء بان يرحمك الله وان يمنحنا الصبر والسلوان على رحيلك .
ابنك صخر واحفادك معاذ وسعد وميرا