بقلم :ـ عبد الله محمد القاق
قطعت المشاورات التي اجراها الدكتور عبدالله النسور شوطا كبيرا في معرفة الرؤى والافكار للنواب في شأن تشكيل الحكومة الجديدة وفق كتاب التكليف الملكي باعادة تشكيل حكومة اردنية جديدة بعد التشاور مع رئيس واعضاء مجلس النواب الجديد ويعتبر ذلك خطوة جادة في استمرار نهج الاصلاح الوطني بالاردن بعد تعديلات دستورية على اكثر من اربعين مادة نقلت العديد من سلطات الملك الى البرلمان في اطار عملية تكريس الاصلاح السياسي والثقافي والاقتصادي.
فالتكليف الملكي جاء بعد ان رشح غالبية اعضاء مجلس النواب الاردني الرئيس النسور وهو اقتصادي وبرلماني مخضرم لم تتلطخ سمعته بمزاعم الفساد، اطلاقا ومشهود له بالنزاهة والكفاءة وحسن اتخاذ القرارات بالرغم من انها تكون عادة صعبة على المواطنين كرفع الاسعار. والرئيس النسور معروف عنه انه يتمتع بعقلية اقتصادية واصلاحية سيتشاور مع الكتل في مجلس النواب الجديد البالغ عدد اعضائه 150 لتشكيل حكومة تتضمن عددا من النواب خاصة وأن الملك أثنى في كتاب التكليف على ادائه في الاشهر الخمسة التي امضاها في المنصب قائلا انه كان مؤهلا لادارة البلاد في ظل اضطرابات اقليمية وداخلية، واضاف لقد عملت وفريقك الوزاري منذ ان كلفناك بتشكيل الحكومة منذ خمسة اشهر بكل تفان ووعي وجلد من اجل تنفيذ المسؤوليات التي عهدت اليكم بها في كتاب التكليف والتي عبرت عن جملة من الاولويات الوطنية والاجراءات الضرورية لمواجهة تحديات صعبة والواقع ان هذه الاضطرابات هي الاوضاع التي تشهدها سوريا والتي ارهقت اقتصاد الاردن كثيرا جراء موجات النازحين البالغ عددهم حوالي اربعمائة الف نسمة في حين لم تصل المساعدات الدولية المطلوبة للاردن وغيرها من الدول المجاورة لدعم هؤلاء الاخوة النازحين الذين يحظون برعاية واهتمام كبيرين من الحكومة والشعب في مختلف المحافظات ولا سيما في مخيم الزعتري. لقد كان واضحا في خطاب التكليف حيث طلب من الرئيس النسور القيام بدور حيوي للارتقاء بنوعية الخدمات العامة وترسيخ مؤسسية العمل العام، واثراء السياسات الحكومية وضمان استقرارها وفق رؤية واضحة المعالم وخطة عمل محددة تعالج مختلف التحديات وبناء الاستراتيجيات بمنهجيات تعكس اولويات المجتمع وفق جداول تنفيذ زمنية محددة ومعلنة للمواطنين.
فهذا الدور المطلوب من الرئيس النسور والذي حدده الملك امس سوف يسهم في استكمال مسيرة البناء الوطني ومراجعة جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني والحريات العامة والنهوض بالوطن والمواطن، والاسهام في الحد من ازمة غلاء الاسعار التي يكتوي بها المواطنون في المرحلة الحالية خاصة وان النسور تلقى ثناءالملك لدوره في تحمل المسؤولية وفتح آفاق الانجاز الواسعة امام ابناء الشعب وتوفير الحياة الكريمة لهم في مختلف المجالات. والواقع ان اختيار الوزراء من النواب وغيرهم يحتاج الى دراسة مختلف المعطيات الجديدة خاصة وان هناك مجلس نواب جديدا يتطلع الى البناء والتنمية والحد من الاشكالات التي من شأنها الحاق المزيد من الاعباء والتبعات عليهم وعدم ارهاقهم برفع الاسعار حتى لا يكون هناك نوع من التأزيم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كما حصل في جلسة يوم الاربعاء الماضي.
نريد ان يكون هذا التعاون بين السلطتين امرا حتميا وواقعيا للنهوض بمتطلبات المواطنين وتحقيق الهدف المرجو من ذلك لان مثل هذا التعاون البناء سيسهم في رفع مستوى المواطنين ويحقق لهم المزيد من الحرية وتفعيل البرامج التنموية المتطورة لان بناء الاقتصاد وزيادة الاستثمار والحد من البيروقراطية ومحاربة الفساد.. هو جزء من السياسة التي دعا اليها الملك في اكثر من لقاء وخطاب باعتباره حجر الزاوية في بناء الوطن الامر الذي يتطلب من الرئيس النسور اختيار الوزراء الاكْفاء القادرين على القيام بجملة من الاجراءات الهادفة والرامية الى دعم الاعداد الجيد للاجيال المقبلة حتى تكون الحكومة قادرة على الانخراط في تنفيذ التوجهات الملكية واعطاء الاولويات الخاصة بقضايا المواطنين الرامية الى الحد من البطالة والفقر والبيروقراطية وتجفيف منابع الفساد.
فهذا الكتاب الذي وجهه الملك للرئيس النسور بعد سلسلة مشاورات ناجحة اجراها رئيس الديوان فايز الطراونة للوقوف على اراء النواب وخياراتهم للوزارة المقبلة وشخصية رئيس وزرائها يهدف الى تحفيز الطاقات والامكانات الوطنية وتنويع القدرات الابداعية وتحسين عمل الكفاءات العلمية خاصة وان الرئيس النسور الذي اعرفه جيدا مشهود له بدوره الوطني وانفتاحه الكبير على المواطنين ويسعى كما فعل في الماضي لتنمية مواردنا البشرية وصقلها وتدريبها وتهيئة فرص العمل بما يمكنه من التوجه الى كسب المعرفة المفيدة والخبرات الفنية التي يتطلبها سوق العمل وتحتاج اليها برامج التنمية المستدامة في ميادينها المختلفة وبرامجها المتنوعة.ان الكتاب السامي هو خطة عمل وخريطة طريق للحكومة للقيام بدور فاعل واداء جيد في مختلف القطاعات والوقوف على حاجات الوطن والمواطنين وتقديم كل الخدمات لهم ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار لان هذه القضايا التي جاءت في الكتاب السامي هي من القواعد والركائز الاساسية لكل تنمية يراد لها الدوام والاستمرار الامر الذي يتطلب وضع القواعد الاساسية لمراجعة اجهزة الدولة ونفض غبار البيروقراطية عنها وايجاد استراتيجية للتعاون بين القطاعين الخاص والعام لخدمة المواطنين بما يضمن تحقيق مصالح الشعب ويؤدي الى تسهيل الاجراءات وتسيير المعاملات وسرعة اتخاذ القرارات الكفيلة بتخفيض المديونية العامة والعجز في الميزانية وترشيد الانفاق الحكومي وزيادة الايرادات عن طريق اعطاء الاولوية القصوى لرفع انتاجية القطاعات الصناعية المختلفة واعادة النظر ببعض القوانين ومنها قانون الانتخابات والسعي لتحسين مخرجات التعليم العام وتوسيع فرص التعليم وتطويره بشكل يراعي متطلبات المرحلة المقبلة. الامل كبير ان يُراعي الرئيس النسور في تشكيل حكومته البرلمانية ذات التوجهات الوطنية الفاعلة هذه الرؤى والتصورات والافكار التي طرحها الملك في كتاب التكليف لانه يمثل استراتيجية حقيقية بل وخطة طريق للمستقبل تعود على البلاد بالفائدة المرجوة وتنهض بقضايا الوطن والمواطن اذا ما تعاونت السلطتان التنفيذية والتشريعية معا في تجسيد هذه الرؤى لرعاية المناطق الاقل حظا، وتحقيق الحياة الافضل للانسان لتكوين شخصيته المتكاملة وتعليمه وتثقيفه وصقله من اجل العيش الكريم لكل فرد على هذه الارض الطيبة والتي تشهد استقرارا كبيرا وتتمتع ولله الحمد بالامن والامان.