الشاهد -
ربى العطار
لا يكاد يمر يوم في بلدنا الحبيب دون أن يصيبنا النكد من حجم الأخبار التي تحمل حزمة أحداث مفجعة وجرائم مرتكبة تعكس حقيقة اتساع دائرة الجريمة في مجتمع أقل ما يمكن وصفه بأنه محافظ ومتمسك بالقيم الموروثة والتقاليد الأصيلة، إلا أن ارتفاع وتيرة أخبار الجرائم يضعنا أمام تساؤلات عن أسباب ذلك وماهي العوامل التي أو صلتنا إلى هذا الحال، فالجريمة تشكل عنصرا من عناصر عدم الاستقرار في كل المجتمعات، وانتشارها يصبح مشكلة و مصدر قلق للمواطنين، وزيادة إحساس المواطن بالجريمة ارتفع خلال السنوات القليلة الماضية.
وبالرغم من كفاءة الأجهزة الأمنية في كشف معظم الجرائم بوقت قياسي إلا أن مسألة الوقاية من الجريمة والحد منها هي التحدي الذي يفرض نفسه على الواقع.
قد يكون السبب الكلاسيكي أو التقليدي الذي يتبادر إلى الأذهان بأن الفقر والبطالة وضعف الوازع الديني هي الأسباب المباشرة لإرتكاب جريمة ما، غير أن الوجه الآخر للأسباب فيشير إلى التطور في تكنولوجيا الاتصالات واتساع نطاق التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية التي أفرزت العديد من أنواع الجرائم المستحدثة مثل جرائم الابتزاز الالكتروني وعمليات الاحتيال الرقمي، كما ساهمت بعض الفيديوهات المنتشرة على تلك المواقع بالتحريض على ارتكاب جريمة معينة بشكل غير مباشر من خلال نشر تعليمات وطرق معينة وغير شرعية لمخالفة القوانين مثل الفيديوهات التي تشرح طرق فتح السيارات بدون مفتاح أو تعليم تصنيع قنابل بدائية خطوة بخطوة وغيرها من الفيديوهات، بالإضافة للنشر عن جريمة معينة مما يشجع آخرين على ارتكابها وهذا ما لمسناه عند انتشار جرائم السطو على البنوك في الفترة القريبة الماضية.
لن أتحدث عن دور الأفلام والمسلسلات في تغذية العنف والجريمة، ولكنني سأركز على سبب آخر لا يقل أهميه عن الأسباب التي ذكرناها آنفاً، فالكثافة السكانية والتغير الديمغرافي الذي طرأ على شكل الخارطة السكانية _ خصوصاً بعد موجات اللجوء الانساني بعد حرب العراق عام 2003 وتداعيات الأزمة السورية عام منذ عام 2011 لغاية اليوم_ ساهم في تداخل ثقافات المجتمع وزعزع من قيمه حيث اختلطت فيه العادات والتقاليد وشجع على ظهور أشكال جديدة من الجريمة وزاد من عدد الجرائم المرتكبة.
كما أن الحديث في المجالس العامة وخواطر الناس في مواقع التواصل الاجتماعي يدل على تنامي الشعور بعدم المساواة وانتشار التمييز والواسطة والمحسوبية والجهوية في توزيع المكاسب في القطاع العام والخاص على حد سواء مما أدى إلى عدم احترام القانون ومحاولة التعدي عليه لتحقيق مصالح محددة أو شعور بعض الفئات بأنها فوق القانون.
ويبقى أن نتحدث عن قصور بعض النصوص القانونية المرتبطة بالعنف والجرائم بشكل عام وبطء إجراءات التقاضي أمام المحاكم ساهم في ارتكاب الجريمة خصوصاً من قبل معتادي الاجرام وارباب السوابق .