بقلم : عبدالله محمد القاق خطوة حميدة وضرورية التي اقدمت عليها الحكومة الافغانية هذا الاسبوع بتكريم الصحفيين الافغان الذين استشهدوا في ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة الصحافيين الأفغان وذلك في أعنف اعتداء على إعلاميين في افغانستان منذ سقوط «طالبان» في عام 2001. وقال نائب مدير منظمة العفو الدولية لجنوب آسيا عمر وارياش، إن «الصحافيين في افغانستان هم من الاكثر شجاعة في العالم»، مضيفا «خلال عملهم في بعض أصعب الظروف واجهوا التهديدات والترهيب وأعمال العنف، لمجرد إنهم يقومون بعملهم». وأدى اعتداء انتحاري مزدوج في كابول أعلن تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)الاجرامية مسؤوليته عنه الاثنين الماضي إلى مقتل 25 شخصاً، بينهم كبير مصوري مكتب وكالة «فرانس برس» في كابول شاه مراي، وثمانية صحافيين آخرين، فيما قتل صحافي في «بي بي سي»، في اعتداء منفصل في ولاية خوست بشرق البلاد ومن بين القتلى أيضا، صحافيون من شبكة «تولو نيوز» و«إذاعة اوروبا الحرة» و«تلفزيون ماشال.وبعد ساعات على اعتداء كابول، عاد العشرات من محرري الاخبار والإداريون الافغان إلى موقع الهجوم في لفتة تحد للمتمردين. وقال رئيس تحرير صحفية «هشت صبح» برويز كاوا، إن «اليوم العالمي لحرية الصحافة يذكرني وزملائي بأهمية نقل الاخبار، من أجل ديموقراطية حيوية ولخدمة الناس بالمعلومات التي يحتاجون لها ويريدونها»، مضيفا «هذا اليوم هو لتجديد التزاماتنا وتذكر تضحياتنا وفي نفس اليوم الذي قتل فيه الصحافيون الأفغان، قضى المذيع الفيليبيني ادموند سيستوسو برصاص مهاجمين في مدينة دوماغويتي بجنوب الفيليبين، وفق ما اعلنته منظمة «هيومان رايتس ووتش». وفي بورما، تضاءلت الامال بمزيد من حرية الصحافة في ظل حكومة اونغ سان التي تولت مهماتها في 2016. وتراجعت ست مراتب على المؤشر العالمي لحرية الصحافة العام 2018 وصولا إلى المرتبة 137. وذكرت دراسة جديدة متعلقة بالصحافيين أن حرية الصحافة حالياً أقل مما كانت عليه خلال عهد الحكومة السابقة المدعومة من الجيش، مؤكدة تسجيل زيادة في التهديدات والهجمات الجسدية واعتقال الصحافيين حيث يواجه صحافيان من وكالة «رويترز» كانا يقومان بإعداد تقرير في شأن انتهاكات ضد أقلية الروهينغا، تهم قد تفضي إلى عقوبات بالسجن 14 عاما في حال الادانة. واذا كانت القوانين والاعراف الدولية تحث على حماية وحرية الصحفيين لاداء واجبهم الانساني في نقل الصورة الحقيقية للاوضاع المختلفة في العالم خاصة جماليات الحياة... وضنك العيش والكوارث والحروب ومآسي واحوال المضطهدين في العالم... فان العامين الماضيين شهدا المزيد من سفك الدماء لممثلي الصحافة العربية والاجنبية في مناطق متعددة ومنها سورية والاراضي المحتلة والعراق وتونس وليبيا وبعض الدول الاوروبية بالرغم من ان هؤلاء الصحافيين يحملون علامات مميزة تؤكد دورهم في نقل الاحداث ومآسي وويلات الحروب في هذا العالم الكبير والمضطرب. ان هذه الذكرى والتي كانت موضع نقاش وبحث لدى الخبراء ينبغي ان تجسد هذا الشعار حماية الصحفيين ولنضع حدا للانتهاكات التي تقع على رجال الصحافة في هذه المرحلة خاصة وان اليوم العالمي لحرية الصحافة هو مخصص للدفاع عن حرية التعبير وعن سلامة الصحفيين في وسائل الاعلام المطبوعة والمذاعة والالكترونية وقد ظهر ذلك واضحا من خلال البيان الذي اصدره رئيس اتحاد الصحفيين العرب : ان “التنظيمات الصحفية في كافة البلاد العربية بحاجة ماسة للتكاتف والوحدة” مطالبا بالغاء القوانين التي تخنق الحريات وتشيع اجواء مشبعة بالخوف.. داعيا الى ضرورة السماح للحكومات العربية وشعوبها ان تعبر عن نفسها بحرية اصدار الصحف ووسائط الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية واتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان حرية الصحافة دون المساس بالحقوق الشخصية للمواطنين والتعرض لهم دون وجه حق. هذا البيان يتماشى مع الدور المطلوب لحرية الصحافة والصحفيين ويجسد ضرورة الحفاظ على سلامتهم وعدم افلات اية جهة تسيء لهم او لاداء اعمالهم من العقاب حتى يتم توفير بيئة اكثر امانة للصحافة والصحفيين.. وهذا يتطلب اتخاذ خطوات ايجابية لتحرير العمل الصحفي والاعلامي ازاء غياب مناخ آمن وحر ومستقل يمكنهم من القيام بمسؤولياتهم تجاه الوطن. لقد اشارت كل التقارير الى تراجع الحريات العامة في العالم العربي خلال العام المنصرم إذْ تعرضوا في اول ثورات الربيع العربي الى عمليات الارهاب والترويع والضغوط على بعض القنوات الفضائية كما هي الحال في مصر وليبيا وانذارها بالتوقف والاغلاق بحجة مخالفة تراخيص البث عل خلفية سياسية. ففي هذا اليوم تظهر فيه الحاجة الى ضرورة اتخاذ الاجراءات الضرورية لترسيخ حقوق الصحفيين في الاضطلاع بعملهم الحيوي وكسر حلقة الافلات من المسؤولية والعقاب على الجرائم المرتكبة ضدهم.. إذْ بلغ وفقا لاحصاءات منظمة اليونسكو عدد القتلى من الصحفيين خلال السنوات الماضية حوالي 700 صحفي منهم ما لا يقل عن 120 صحفيا في السنة الماضية وحدها فضلا عن احتجاز حوالي 150 صحفيا في العام ا لماضي واذا الامر يتطلب كما قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بهذه المناسبة “ان حرية الصحافة لا تحدث تلقائيا ولكنها تتطلب انشاء بيئة آمنة للحوار على ان تشمل وسائل الاعلام التقليدية وكذلك الوسائل الرقمية إذْ يواجه المدونون والصحفيون ومنتجو وسائل الاعلام الاجتماعية تزايدا في التهديدات الموجهة اليهم وعلى حياتهم. ان مثل هذه الاعتداءات التي تحد من عمل الصحفيين بل تعيقها في اكثر الاحيان خاصة اثناء الكوارث والحروب تهدد سلامة الصحفيين ومصادرهم في الصحف او على الانترنت بل انها تقوض قدرة جميع الناس على الاستفادة من “الإنترنت” المجاني والمفتوح. لقد اوضحت ثورات الخريف العربي التي شهدتها بضع دول شقيقة اهمية الاعلام وتكنولوجيا المعلومات في ان تلعب دورا ديناميكيا لتسليط الضَّوْء على هذه الاحداث بل ومكنت الشباب من المشاركة في حرية التعبير وعن تطلع مختلف المجتمعات الى حياة اكثر اشراقا وتقدما سواء في القضايا السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية بل واسهمت الصحافة في تعزيز شعور المواطنين في كل انحاء العالم بالهوية والانتماء؛ وهذا يؤكد بصورة لا تقبل الشك بان الفكرة التي يناصرها اليوم العالمي لحرية الصحافة منذ عشرين عاما ومفادها ان حرية وسائل الاعلام تشكل جزءا من مجموعة حقوق الانسانية الاساسية التي لن يألو الناس جهدا للنضال من اجلها ستظل المشعل الرئيس لانشاء صحافة مستقلة وقائمة على التعددية وحرية وصون نشاطاتها بغية تجسيد الديمقراطية الحقيقية وتحقيق التنمية الاقتصادية والحفاظ على الصحافة عبر بيئة آمنة وحماية الصحفيين في هذا العالم.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.