علي القيسي وخاصة امام البوذيين السكان الأصليين، حيث قامت في السنوات الاخيرة الماضية حملات مطاردة من قبل الجيش ضد الروهينغا ، اعتقال، وتعذيب، وتصفية، وحرق البيوت، والتنكيل بالناس ، واخذهم الى مشاريع الدولة ليعملوا بالسخرة ليل نهار وبدون مقابل واستغلال نسائهم للعمل في البيوت خادمات واذلالهن، وقد فر الكثير من هؤلاء المظلومين الى دول مجاورة مثل اندونيسيا وماليزيا وبنقلادش ، وكانت هذه الدول ترفضهم وتمنع دخولهم كلاجئين ومنهم من يغرق قاربه في البحر وينتهي به الامر ، ولكن نتيجة الضغوط الدولية والاعلامية التي كشفت مأساتهم قبلت بعضهم دولة بنقلادش واقامة لهم مخيمات على الحدود أما الرواية التي تتحدث عنهم ، فهي تختصر مأساتهم بعائلة من الروهينغا تختزل كل المأساة وتقدمها للعالم باسلوب درامي وتراجيدي يسطره لنا الراوي مصطفى القرنة ، عندما يبدأ ببطل الراوية وهو ضابط بورمي برتبة رائد اسمه (لاي سان ) يقود مفرزة اسمها ناسكا وهي المسؤولة عن ملاحقة المسلمين الروهينغا والمفرزة تظم عددا كبيرا من المفارز مخصصة للقتل والتعذيب والاعتقال واحتلال البيوت واخذ محتوياتها ثم حرقها بمن فيها. الرواية تتضمن الأدوات الفنية اللازمة مثل اللغة والاسلوب والشخوص والأحداث والسرد. حيث أبدع الراوي القرنة في تلخيص الفكرة الاساسية والانطلاق منها وتخيل الوقائع وتحريك الشخوص الذي لكل منهما اختلاجاته وتداخلاته وانفعالاته الخاصة ، وهناك في الرواية شخصيات معيقة وشخصيات معينة ، وفي تعدد ادوارهم في العائلة الواحدة ، وكأن الراوي كان قريبا من احداث الرواية اوكان جزءا منها ، حين يتحدث عن تفاصيل بعينها مثل علاقة الرائد لاي سان بزوجته جيا ، ونفور الزوجة من زوجها القاسي الظالم والسكير الذي يعيش على طعام الحيوانات البرية، مثل القردة، والفئران ،والقطط، ولحم النيص، كان يأكل هذه الحيوانات بشراهة ، هذا الضابط انموذج في التوحش والبربرية ، وهذا السلوك الهمجي تم توظيفه لقتل الناس وهم الرهينغا بوحشية مطلقة ، حتى ذكر الراوي ان هذا الضابط المتوحش كان يتناول لحوم البشر في بعض المرات ، مما سبب له في النهاية مرضا غامضا وخطيرا عجز الاطباء عن اكتشافه مما انتهى به الامر الى الموت. فالراوي القرنه يجيد فن السرد الروائي باسلوب السهل الممتنع ، وتجده يبرع في حبك القصة الروائية بطريقة مدهشة، لايترك شيئا للصدفة ابدا، يخطط ويرسم الاحداث كما لوكانت تمر أمامه كشريط سينمائي ، فهو يصف حالة الجنود البائسة الذين يقومون بقتل الناس الأبرياء دون ان يسأل أحدهم نفسه : لماذا أقتل هؤلاء الناس البشر المساكين ؟ الاتجاه الكابوسي في هذه الرواية يتناسل حكايات وقصص غريبة عن الاضطهاد للمسلمين الروهينغا على يد الجنود والضباط البورمين الذين لايقلون بربرية وتوحشا عن الضابط لاي سان. فالغابات الكثيفة في ذلك البلد كانت ملاذا للهاربين من السكان المضطهدين من جماعة الروهينغا ، ولكن الحكومة عندما علمت بانهم يختفون هناك قام الجيش بزراعة تلك الغابات بالالغام ، مما كان له الاثر السيء بقتل الكثير من الابرياء صغارا وكبارا شيوخا واطفالا. فالراوية لم تترك شيئا من حيث الاحداث والتفاصيل والسرد في اطار المبنى الحكائي في اطار القصص في صياغتها الفنية والجمالية، وهناك المتن الحكائي والمشتمل على المادة الأولية للحكاية، أي الاحداث الاساسية كما وقعت في الواقع الفعلي والافتراضي ، وهذا يدلل على ان الراوي مدرك تماما لما يقوم به من عمل روائي فني يلخص احداثا تاريخية ماثلة ولم تكن خيالية مجردة، فهو يكتب عن قضية انسانية يتعرض فيها قلة من المسلمين الى الابادة والتطهير العرقي، في ظل صمت عربي واسلامي ودولي مريب.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.