ناديا هاشم / العالول نكاد نتفق بان الوضع العربي بأسره لا يحتمل الحديث عن إنصاف النساء وردم الهوة التمييزية بين الجنسين على الصعد كافة اجتماعيا اقتصاديا سياسيا بسبب القوانين ذات الصلة من جهة والثقافة المجتمعية الماضية والحاضرة من جهة اخرى .. نعم .. نتفق جميعنا على اننا بحاجة لإخراج الجميع من عنق الزجاجة وليست المرأة لوحدها.. فقدرُنا واحد وهدفنا واحد رجالا نساء ألا وهو انقاذ ما يمكن انقاذه وإيقاف كرة الثلج المتدحرجة المتضخمة المتسارعة نحو ......؟ الله وحده يعلم ! لكن .. وكثيرا ما "لكن" تلغي ما قبلها ! لأنه إذا اردنا ان نزيل الغمامة السوداء المتحلّقة حول الوطن العربي باسره على الصعد كافة ، عبر تطبيق استراتيجية الانقاذ بأهدافها الطويلة والقصيرة المدى من خلال آليات –برامج – مناسبة ، مع اجراء المتابعة والتقييم ..فإنه" شئنا ام ابينا" ياتي موضوع المرأة متربعا فوق كل اولويات أيّ برنامج إصلاحي اثناء متابعة البرامج المسيرة الإصلاحية .. فالمرأة والشباب والطفل يشكّلون ثلاثية تحتاج الى رعاية من نوع خاص ..فما بال المرأة التي تٌعتبر الحاضنة الطبيعة والراعية الأولى لذلك الطفل الذي سيصبح شابا ورجلا يحمل مسؤوليات عدة خاصة وعامة بمافيها تنمية وطنه ؟ فلنبحث دوما عن المرأة المساهمة الأولى بصناعة الأجيال .. مدققين بنوعية هذه الصناعة جيدة ام سيئة وأسبابها المنوطة ببناء الأوطان او العكس، نتيجة إنجازات فردية تتجمع كلها لتصبح كتلة جمعية تدفع بالمجتمع بأسره نحو الأمام او الخلف , وهذا هو لبّ الموضوع ! فأيّ تقدم او تراجع..صعودا او نزولا ..تقدما او تخلفا ..اسألوا عنه المرأة.. لا شك ّ أن وراء كل رجل عظيم امرأة ..والعكس صحيح ! إلا أنّ دور المرأة اكبر لكونها المربية الأولى الزارعة لبذور الخير والانجاز والعطاء بأبنائها عبر تربيتها المسؤولة عما يؤول اليه حال ابنائها .. وحتى تكون قادرة على ذلك فلابد وان تكون وان تتلقى الدعم من البيئة المحيطة الأسرية والمجتمعية بشقيْها الثقافي والقانوني بحيث لا تقف كحجر عثرة بطريق تقدمها فينعكس سلبا على أسرتها واجيالها الصاعدة ! فالإنجازات التي حققتها نضالات المرأة بمرور الزمن لنيل حقوقها قد ساعدت على دعم مساهمة المرأة بتنمية اسرتها ووطنها سواء محليا او عالميا ..نضالات دأبت عليها المرأة لكونها الحلقة الأضعف بالمنظومة المجتمعية ! لن اتناول بهذا الصدد الحقوق المنجزَة بقانون الأحوال الشخصية ولا التقاعد ولا العنف الأسري .. لن أركز هنا عن المرأة المقموعة او المفترَسة ولا مآسيها المتداولة بقاعات وأروقة وسلالم المحاكم .. لن .. ولنْ .. ليس لأن المجال ضيق هنا للاستماع الى مسلسل الآلام المجتمعية والثقافية والقانونية الكابس على انفاس شريحة من النساء .. بل سأتناول موضوع المرأة المرتاحة بأسرتها سواء المتزوجة او غير المتزوجة .. المرأة التي لا تشكو ظلما او ضائقة .. امراة متعلمة انصفتها أسرتها كما انصفها الزمان والمكان .. امرأة ترغب بالعمل لأسباب منطقية لمساعدة وتنمية وطنها ونفسها واسرتها وتحقيق استقلاليتها ،مما يرفع من منسوب احترامها لذاتها نتيجة تراكم قناعة داخلية تولد سعادة تشحذ شغفها تجاه كل من حولها اسرتها وعملها ومحيطها ،فينعكس ايجابا على كل من حولها بما عبر سعادة جمعية تبثها صباحا مساء بأرجاء الوطن وفضاءاته .. سنتناول هنا حقّها بالسكن ..والنقل .. والحضانات والأجور .. والعمل. . فمثلا بقانون المالكين والمستاجرين هنالك بند يوجب المرأة المطلقة او الأرملة ان تخلي الماجور بعد مصابها ، بمدة اقصاها ثلاث سنوات حتى لو تمكنت من دفع الأجرة ! وكأنه لا يكفيها ما تعرضت له من قهر الزمان والإنسان فيأتي قهر المكان منطبقا عليها القول : انت والدهر علي ّ! ناهيك عن المرأة التي تراكض بين بيت حماتها وبيت امها او قريبتها لتأوي طفلها قبل توجهها لعملها فورا بعد اسابيع من ولادته ..دون او تتوفر وسيلة نقل مناسبة .. او حضانات وما ادراك ما الحضانات .. هل تمت متابعة قانون العمل للتأكد من توفير الحضانات للنساء العاملات وتطبيق اخر التعديلات عليه ؟ ثم يأتي نهاية الشهر لتحصل على راتبها لتجد بأن فجوة كبيرة بالأجور بينها وبين زميلها الذي يؤدي نفس العمل ونفس ساعاته ، لفجوة بقانون العمل ،علما بان نظام الخدمة المدنية يساوي بين الجنسين الا ان الفجوة تاتي بالعلاوات والترقيات.. الخ لصالح الرجل ! واخيرا وافقت الحكومة على منح الموظف الرجل ثلاثة ايام اجازة ابوة .. طبعا لا نقارن انفسنا بأيسلندا ولا السويد ولا الدنمارك ولا فنلندا .. الخ حيث تتباين اجازة "الأمومة والأبوة "بين 16 شهرا الى 8 شهور مدفوعة الأجر بنسبة 80 % من الراتب ، يتقاسمها الزوجان وفق جدول زمني معين! فياحبذا الاحتفال بيوم المرأة عبر مكافأتها قانونيا وثقافيا لتحسين وضعها بدلا من جعجعات خالية من الطحن والطحين !
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.