ناديا هاشم / العالول
لعلّ .. بل من المؤكد ان تراجعَ قوة الحق يعود لهيمنة حقِّ القوّة الغاشمة المتفشّية والمنبثقة عن فئات تتصارع لتصرع غيرها كحق طبيعي أو مكتسَب لا يقبل النقاش – وفق رأي العتاة -
لكن شتاّن ما بين قوّة الحق الإيجابية وبين حق القوّة الغاشم بمنبعه ومجراه المتفرع لمسارب سلبية تتألق أكثر بصولاتها وجولاتها ، نتيجة تغلغل أكاسيد وسموم الظلم بغلاف الإنسانية مخلخلا طبقاتها الحامية لكل ضمير كامن بمضمونها بسبب أغلفة ثلاث : الأنانية والطمع والجهل .. اغلفة سوداء تطرح ظلالا قاتمة ما فتئت تزداد قتامة مع مرور الأيام ..
فما أحوجنا الى شعلة مضيئة تحملها يد قوية تضيء درب الحق لتطرد حق القوة كالذي تجيّره إسرائيل تارة عبر مسرب ديني وآخر إنساني ..الخ قالبة معايير الحق مدّعية بانها حمامة وديعة تنشد السّلام ..
ايّ سلام هذا وهي ترفض حقيقة واضحة تتمحور حول الحاجة الى حل القضية الفلسطينية حلا عادلا سيقضي على الإرهاب عالميا ومحليا وأن تشبّثها بقرار ترمب سيؤجج نيران التطرّف!
ومن هنا تأتي الحاجة الى إعادة البوصلة الحقيقية لقوة الحق عبر إضافة الثقل المناسب لمبادرات جماهيرية محلية عربية عالمية قانونية شبابية إعلامية ذات استراتيجية بأهداف وآليات .. كل ومجاله .. لتحقيق التواصل العالمي والسياسي والدبلوماسي بخصوص اهمية القدس كواجهة امامية للقضية الفلسطينية ، ومتابعتها عبر مؤتمرات القمّة على مستوى الخارجية ..والقادة العرب..
مخاطبين القادة العرب بقولنا: قد يختلف اثنان وان اجتمعا وقد يجتمع اثنان وان اختلفا .. ولكنهما اذا افترقا فلن يجتمعا !
ونحن مؤخرا للأسف نقفز عن الفرضية الأولى والثانية ونعسكر بالثالثة بزاوية الفرقة والفراق ..فالإختلاف لا يولد الخلاف ..ونتيجة للخلافات الناجمة عن الاختلاف تفتت الشمل وتناحرت الأجساد وتباعدت الأرواح فضاعت بلاد وهلك عباد !
فما أحوجنا الى التغيير نحو الأفضل عبر طرح كل واحد منا نفسه نموذجا طيبا يُحتذى به تظلّله قوانين "حازمة عادلة".. مستنسخين بذلك "حزم وعدالة الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب" عبر مظلة قانونية حازمة يتم تطبيقها على الجميع بعدالة وبالتساوي ..
فلنتقن عملنا كل بمجاله لحماية القدس وفلسطين تلبية لمتطلبات هبّة الغضب ولتكن ثورة بنّاءة مرسومة بإستراتيجيات وأهداف وآليات وكفانا عشوائية وتخبّطا.. فلنضحد مخالفات اسرائيل للقرارات الدولية والمواثيق والمعاهدات مغيّرة دوما الواقع رغما عن الجميع متسائلين عن أهمية حقوق الإنسان الصادرة عام 1948 ، واحتفالات العالم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول ..إحتفال يتكرر عاما بعد عام دون ان تنتعش الذاكرة ويستيقظ الضمير !
صَدَر هذا الإعلان بعد سنوات الحرب العالمية الثانية نتيجة لتجرع الإنسانية إبانها من كؤوس الردى.. فجاء هذا الإعلان بمثابة كابح يوقف غرائز الإنسانية الجامحة التي تتجاوز قسوتها حدود العقل والمنطق .. ترى هل ستكفل المواثيق الدولية وحقوقها العالمية زرْع بذور السلام في الفكر والسلوك الإنساني ؟ نشك في ذلك فالسلام ينبع من "داخل" النفس قبل "خارجها" .. هذا الداخل الذي تقعّر إناء قناعاته لحد كبير حتى لم يعد بوسعه الإمتلاء مطالبا دوما بالمزيد وعلى حساب مَنْ ؟ على حساب الإنسان ومستقبل إنسانيته !
محاولات إسرائيل التغطية على مخالفاتها بكل الحجج والوسائل، مستعينة بكل حلفائها وخبرائها لإيجاد المبررات لتظهر بمظهر الدولة المعتدَى عليها، وأن إجراءاتها هي دفاع عن النفس، متناسية أنها دولة محتلة، ودولة عنصرية، تجعلها تتجاوز كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، معتمدة في ذلك على دعم لا محدود من الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد إبقاء إسرائيل ( كعصا ) بالمنطقة للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية، إضافة إلى سيطرتها على البحار والنفط.
نعم تجاوزت اسرائيل كل المواثيق والدولية.. وللأسف تناسى العرب هذه التجاوزات مصدّقين ومصادقين على معاهدات سلام ابتدعها العقل الصهيوني .. كاتفاقية اوسلو ووادي عربة .. الخ من اجل تحقيق السلام ..
بينما التجارب تشير إلى انه لا يجوز تجربة المجرَّب لكونه يقود الى النتائج نفسها ، سلسلة من خرق العهود منذ عهد "بني النضير" و "بني قريظة" الى وقتنا الحاضر..فيكفي أن اتفاقية جنيف الرابعة التي تنطبق بنودها على ممارسات اسرائيل المخالفة لكل الأعراف والمعاهدات بتعنّتها المتواصل ضد الفلسطينيين وقلبها معايير الاتفاقات مع الأردنيين ..
وكما أسلفنا فإن هذه القوة الإسرائيلية تجاوزت كل القوانين التي اتفقت عليها الدول لتجنيب المدنيين ويلات الحرب، وأسسها الشاملة لبعض أخلاقيات الحروب الضرورية لكل الأطراف، ومن هذه الأسس اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالحروب الموقعة في 12 آب / أغسطس 1949.
فإسرائيل تدير ظهرها لكل عهود حقوق الإنسان ولطالما حاولنا التذكير بذلك قارعين أجراس الخطر، حتى وقع الفأس بالرأس بتصريح ترمب وربّ ضارة نافعة فقد هبّ الجميع هبة شعبية وياحبّذا قانونية لنسبغ على العهود قيمتها معيدين بذلك الوزن الى قوتنا قوة الحق ..وهذا هو المطلوب..