الشاهد -
بقلم : د.عائشة الخواجا الرازم
هي الرياح تصفر في القلب .... والقلب أصغر من دمعة حين يتأجج الغضب، فيقال قلبه صغير وخلقه ضيق... وفلان قلبه واسع ولا أدري هل يصل اتساعه الواسع لحجم نتفة لقاح في الريح ؟؟ لشدة صبره ؟ أم بحجم دمعته المتقمصة ذرة من تلك الريح ؟
فكلنا في تلك الرياح نقف غاضبين ناقمين مستسلمين لأصحاب الضربات صابرين ! ولكن يبقى للرياح روح الطهارة في غسل الصدور والقلوب عند الهبوب !
.. ففي الرياح ...نعمة الحقيقة المتسمرة في وجوهنا المتصاغرة المتقلصة في كل الحالات ، سواءً في الصبر والتقمص أم في الغضب والفوران ، ففي الرياح نعمة التكثيف البارد لحوصلة مشاعرنا المثلجة الصادقة ، ومشاعرنا الساخنة اللاهبة ، وكلنا مع الأسف سواسية كأسنان المشط في نظر الرهان على الحياة السادرة ... وسواء غضبنا وفرقعنا الموائد المنضدة الأنيقة حولنا وفجرناها لأي سبب تافه أو لأي سبب عظيم ….. أم قمنا لتنضيد موائدنا وموائد غيرنا بالهدوء والاتزان والحكمة ، فلا شيء يترأس الجلسات أو الوقفات والآمال سوى الرياح !
الرياح التي تحمل لقاح الحياة والتجدد من شتى مسامات وأوراق الغابات ... وحتى من أدق قوانين الغابات تكون الرياح أطهر من كل القوانين التي نضعها لترتيب موائد حياتنا ! موائد حياتنا الإنسانية باتت للالتهام والهضم والتسربل في استهلاك مكنوز الله على أرض البشرية !
ولا ظاهرة تشفينا من التقوقع حول موائد أنانية الإلتهام غير الرياح ... فالرياح تورق من جديد في نفوسنا وتغرس في صدور البشرية بذورها وتعمل فيها بمعول المزارع والفلاح .
ونخشى الرياح ... دون أن ندرك نعمة الرياح ... الرياح التي تنقل إلينا وتهب بأنفاس وعطر وكلمات الأحبة والخالدين في عظمة التاريخ والكلمة النافذة للعقول والقلوب ... الرياح التي توصل إلينا تلافيف نور الأرواح في اللقاح ... فهل ندري كم هي عظيمة على البشر نعمة الرياح ؟؟