بقلم : عبدالله محمد القاق
في الوقت الذي رحب الفلسطينيون واعلن الاسرائيليون عن خيبة املهم وتذمرهم واستيلئهم من قرار الادارة الاميركية الموعود بنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس ارضاء للوبي الاسرائيلي في اميركا – ايباك - ، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفي اليوم الاخير من انتهاء مفعول مرسوم سلفه باراك اوباما، أمرا رئاسيا بتأجيل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس المحتلة. وهذ يعني ان اميركا معنية بالسلام بالمنطقة وتريد ايجاد حل للقضية الفلسطينية بعد الجولة الاخيرة التي قام بها الرئيس الاميركي الى فلسطين وشعر بمدى الخطورة التي تنجم عن نقل السفارة من تل ابيب الى القدس وهذا مما يعني انحيازا تاما لاسرائيل ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً بمنع نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل ابيب إلى القدس لمدة لا تقل عن 6 أشهر، متراجعاً عن وعده خلال حملته الانتخابية. وعبر الفلسطينيون عن ترحيبهم بتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار تأجيل نقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس وفي ذات السياق أعرب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو عن خيبة أمله على قرار ترامب المذكور . وقال نتانياهو في بيان له: “إن الابقاء على السفارات خارج العاصمة يبعد السلام أكثر عنا، لأنه يساهم في إحياء الأوهام الفلسطينية كأن ليس للشعب اليهودي ولدولته أي علاقة بالقدس. وعقب: “رغم خيبة الأمل من عدم نقل السفارة في هذه المرحلة، فإن إسرائيل تثمن التصريحات الودّية التي أدلى بها الرئيس ترامب والتزامه بنقل السفارة في المستقبل”. وأضاف البيان “الموقف الثابت لإسرائيل هو أن السفارة الأمريكية شأنها شأن سفارات جميع الدول التي تجمعنا بها علاقات دبلوماسية يجب أن تكون في القدس عاصمتنا الأبدية”. وكان مسؤولون أمريكيون قد صرحوا أمس بوجود احتمالات مفادها تأجيل ترامب لتطبيق المادة القانونية الصادرة عام 1995، والتي تقضي بنقل السفارة إلى القدس لمدة 6 أشهر. وبينما توجد انقسامات بين مساعدي ترامب حول هذه القضية فإن الرؤية السائدة أنه يتعين على الولايات المتحدة إبقاء سفارتها في تل أبيب حالياً، لتجنب إثارة غضب الفلسطينيين والحكومات العربية والحلفاء الغربيين، فيما يسعى الرئيس الأمريكي إلى إحياء جهود السلام.
اللافت للنظر أن ترامب كان قد تجنب أي حديث علني للخطوة آنفة الذكر، خلال زيارته لإسرائيل والضفة الغربية في مايو/أيار. غير أن غالبية الخبراء كانوا يشككون في فرص ترامب للتوصل لاتفاق السلام وهو هدف لطالما راوغ الرؤساء الأمريكيين السابقين.
والواقع ان -الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المسجد الاقصى ومنع دخول المصلين الى باحات المسجد في كل جمعة، ومواصلة الحفريات تحت المسجد في محاولة لهدمه والسيطرة عليه كما فعلت في المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل، شكلت خطوة تصعيدية كبيرة للاردن والعالمين العربي والاسلامي وهددت بانتفاضة جديدة تشمل القدس والضفة والاراضي الفلسطينية كافة بل والعالمين العربي والاسلامي لان هذا العمل مثّل سلسلة من الاعتداءات الهمجية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة ومنع حرية العبادة فيها.
وهذا الغضب الذي تمثل في بيان رئيس لجنة فلسطين النيابية النائب يحي السعود في مجلس النواب الاردني الحازم والحاسم تجاه الاسرى الفلسطينيين الذين اضربوا عن الطعام مدة 41 يوما فضلا عن هجمة غلاة المستوطنين على المقدسات وبوتيرة مستمرة ودون انقطاع في الايام الاخيرة؛ ما ينذر بمخطط مدروس وممنهج ضد هذه المقدسات خاصة استمرار قوات الاحتلال بمنع الرجال والنساء الذين تقل اعمارهم عن خمسين عاما من الصلاة بالمسجد ووضع حواجز شرطية اسرائيلية على كافة ابواب المسجد فضلا عن ادخال المئات من المتطرفين الى رحاب المسجد الاقصى من باب المغاربة ومحاولة معظمهم اداء الطقوس الدينية بدعم واشراف قوات الاحتلال.. وهذا العمل يتمثل في تجسيد نوايا اسرائيل باقامة جسر جديد وبناء قطار هوائي يربط المسجد الاقصى مع بعض المستوطنات المحتلة بالحرم القدسي.
لقد اكدت الاتفاقية التي تمثلت بتولي جلالة الملك عبدالله الثاني شرف الرعاية والحماية والصيانة للمقدسات الاسلامية في الحادي والثلاثين من شهر اذار قبل الماضي والذي اودع الاردن اوراقها في الجامعة العربية ان الاردن يقوم بدور ريادي وتاريخي على المقدسات ويسعى كعادته لحمايتها من اي عدوان اسرائيلي او تدنيس لها بشتى الوسائل مما اكسبه صفة عربية ودولية بالحفاظ عليها.. وهذه الاتفاقية جعلت اسرائيل تقوم بهذه الاعمال الاستفزازية لجسّ نبض الاردن وقيادته لمعرفة مواقفه حيال هذه الاعتداءات والممارسات مما حدا بصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية القول: «ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يعد يمثل سوى نفسه بعد انتهاء ولايته من جميع جوانبها على المدينة المقدسة بعد ان مرت السنوات القانونية لولايته التي بدأها في كانون الثاني وانه لا يمكن عقد اتفاق سلام معه».
فهذه الاعتداءات الاسرائيلية الرامية الى تكثيف سياساتها التهويدية وتغيير معالم القدس الشريف التاريخية والحضارية في محاولة منها لطمس الهوية العربية والاسلامية للمدينة بالجرائم الاسرائيلية المتكررة تؤكد ان هذه الممارسات غير شرعية بموجب القانون الدولي مما يتطلب من الدول العربية والاجنبية كافة القيام بواجبها لحماية المدنيين والاماكن المقدسة والحفاظ على التراث الحضاري والانساني لمدينة القدس اسلاميا ومسيحيا...
وهذه الخطوات الاسرائيلية الممنهجة ضد المقدسات وخاصة المسجد الاقصى تستدعي من الفلسطينيين ولا سيما فتح وحماس العمل من اجل المصالحة وانهاء كل الخلافات بينهما باعتبار ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية وضرورة التضامن والانحياز الدائم لارادة الشعب الفلسطيني في تحقيق امانيه الوطنية واستعادة القدس الشريف وتقرير المصير.