المحامي موسى سمحان الشيخ
قد لا ينطبق المثل العربي الشهير (ام الجبان لا تفرح ولا تحزن) على العرب في قمتهم الجديدة في البحر الميت، الحزن سيد الموقف وفي كل يوم كربلاء جديدة، اما الفرح فلم يسبق لقمة عربية منذ نشوء (موضة) القمم العربية ان فرحت العرب كثيرا او قليلا مع استثناء شعاراتهم (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض) التي لم ينفذوا منها سنتيمترا واحدا، عموما لن نقول كما قال الهالك القذافي يوما (العرب جرب) فالعرب اليوم في اسوء حالاتهم، حروب ودمار ودم وذبح على الهوية وقبائل ومذاهب وطوائف تتصارع ولا شيء آخر، مع تراجع الاهتمام رسميا في القضية الفلسطينية الى ما قبل المربع الاول، وسيذهب السيسي كما سيذهب عباس الى واشنطن كعبتهم الجديدة ليتفاوضوا مع التاجر العقاري ترامب ووزير خارجيته النفطي وسفيره لدى دولة الكيان العنصري مرورا بسفيرته في الامم المتحدة التي تدعو جهارا نهارا لسحب اي قرار يمس بعظمة وهيبة وعنصرية دولة العدو سيذهب السيسي وعباس بعد ان سبقتهم السعودية لضخ 200 مليار في خزينة ترامب، سيذهب الجميع للتحدث باسم فلسطين وهموم وشجون وشؤون اخرى وسيعودون خاليي الوفاض، فواشنطن تأخذ ولا تعطي، ودولة العدو تقول بالفم الملآن القدس لنا، والضفة لنا، والقديم والجديد لنا، وهي فعليا لا تحسب اي حساب سو ى لقوة حزب الله في الشمال وصواريخ حماس والجهاد في الجنوب. وسط هذا الخراب الشامل، او على حد تعبير ت.س.اليوت في اربعاء الرماد، وسط هذا القحط العربي يبرز ثلاثة مواقف مضيئة في الساحة الفلسطينية والتي هي المعيار الاول الاخير لاي موقف عربي وانساني تقدمي، فلسطين ابدا هي الرافعة حتى ولو قالت (تيريزا ماي) رئيسة وزراء بريطانيا بعد 100 عام على اسوأ وعد وميثاق عرف التاريخ اعني وعد بلفور، حتى لو قالت كذبا وزورا ان حكومتها ستحتفل بهذا الوعد (بكل فخر) كونه على حد تعبيرها كان (اكثر الرسائل اهمية في التاريخ) يا للعار هذا هو الغرب المتمدن وهذه زعيمته تتكلم بلغة مغايره تماما للحق والانصاف والعدل. نعود للمواقف الثلاثة وهي تنم عن شعب مصمم على اخذ حقه بيده، بعد ان نسيته البلاد - ليس كلها - والعباد ايضا وليس جميعا. الموقف الاول: في كل يوم عملية بطولية في الارض المحتلة يقوم بها شباب فلسطين واشبالها وزهراتها في تجسيد حلم جديد لانتفاضة القدس، رغم صعوبة موقف المنتفضين الواقع دوما بين جبروت الاحتلال وتساهل السلطة - كي لا نقول اكثر - مع الاحتلال. الموقف الآخر الذي جسده باسل الاعرج الذي لم يكن مقاوما عاديا كان شهيدا استثنائيا بالمعنى الدقيق للكلمة حينما صارع العدو على مدار سنوات عديدة - بالفكر والممارسة والبندقية، وقدم امثولة باستشهاده الفذ والعبقري، وشكل نموذجا لجيل من شباب فلسطين. الضوء الثالث وفي ميدان آخر: جسدته الفاضلة المحترمة ريما خلف حينما جسدت ووثقت تقريرها الشهير الذي يصم ويفضح دولة العدو، بل وزاد عن ذلك بتقديم استقالتها امام سفالة الامم المتحدة المسيطر عليها صهيونيا واسرائيليا، هذا هو شعبنا، وهذا هو الضوء في نهاية النفق.