الشاهد -
وضعت الطفل في اجواء الحكاية والمتابعة
الشاهد - وكالات
هناك بعض المفارقات في الوسط الفني والثقافي، تتمثل بتلك الحالة الصوتية عند البعض، بالتنظير والصوت العالي، لغياب كثير من المبادرات، وعندما يتقدم احد ما لمبادرة معينة، وتصبح حقيقة على الارض، نجد نفس الاصوات تبحث عن اسباب لوأد المبادرة، واعني هنا تحديدا ” مسرح الخميس” هذا الحلم الذي عمل على تحقيقه المخرج “محمد الضمور” ليجد حالة من اللامبالاة من بيروقراطية وزارة الثقافة، الى ان جاء الوزير” نبيه شقم” ولم يتردد بالموافقة على المشروع، ورعى افتتاحه بالاول من شباط هذا العام. وسمعنا كلاما يدور حول نفسه، بالقول ان فعاليات مسرح الخميس، ليست مسرحا خالصا، لان هناك الفيلم، والموسيقى والغناء والفن الشعبي، وكان الاولى ان يتم تاجيل المشروع حتى يصبح لدينا مسرحا على مدار العام. ومن يعرف وضع المسرح الاردني، فانه يدرك فورا ان هذا لن يتحقق على المدى المنظور. ونقول لمن يعترض على هذا الفعل الاسبوعي، ان الاعتراض على التسمية هو لمجرد وضع العصي في الدواليب، لاننا نعرف بانه من الصعب ان يكون عندنا عرض اسبوعي في الوقت الحاضر، وبالتالي فان المشروع هو تاسيس لمستقبل المسرح والجمهور معا، وفي نفس الوقت فهو متنفس للافلام التي لاتجد مكانا للعرض، ولاتجد جهة تتبنى هذه العروض، وحتى الهيئة الملكية للافلام، تعزل نفسها تماما عن الافلام الاردنية خارج دائرة انتاجها، في الوقت الذي تدعم فيه افلاما في غالبيتها تسيء للاردن، وتستقطب عروضا خارجية، فيها الكثير من الالتباس موضوعاتها واشكالها الفنية. ما اريد ان اصل اليه، ان” مسرح الخميس” هو رئة ومتنفس وضرورة فنية، ومن يتابع العروض الاسبوعية المختلفة، يشاهد هذا التنوع في الجمهور، وحضور الفنانين،وواضح دعم نقابة الفنانين للمشروع، وهو امر يسجل للنقابة. ويقول ” محمد الضمور” مدير مديرية المسرح والفنون، نعرف جميعا انه ليس لدينا مسرحيات تغطي العروض على مدار العام، لكن كان لابد ان نبدأ ونؤسس، فالمسرح هو ابو الفنون، وبالتالي فان مانعرضه هو ينتمي للمسرح بشكل او باّخر، وكذلك فان احياء مسرح اسامه المشيني له دلالات كثيرة، فكل واحد له ذكرى في هذا المكان، وبهذا النشاط يكون المكان بمثابة ملتقى وحاضنة للفنانين والمثقفين والجمهور، كما اننا نسعى ليكون ارتياد المسرح واحدة من المفردات الموجودة على اجندة المواطن العادي، لنشكل جمهورا موازيا لجمهور النخبة، ونرتفع بالذائقة الفنية. مسرحية” مملكة النمل” للمخرج المتميز” سمير خوالدة” التي عرضت على مسرح اسامة المشيني” مسرح الخميس”، عن نص” عماد الشنفري”في الحكاية البسيطة والمحكمة، والمحملة على مشاهد بصرية مدهشة،و يؤسس ” الخوالدة” للحكاية، بالأزياء والمجاميع، والموسيقى والغناء والألوان، والحوارات، حيث أن هناك مملكة لها نظام وقائد”الملكة”،ولا مجال للعبث، فالوقت قيمة عليا، وكذلك الجد والعمل، ولا مكان للكسل أو التراخي،وبالتالي فان جميع افراد” مملكة النحل” يتفقون على طرد النحلة” سلومة”” نرمين الفاعوري” للخارج، لانها تريد ان تعبث بالنظام ،وذلك من خلال استعراض غنائي يؤكد على القيم الثابتة للمملكة، حيث لاتهاون مع من يخرق النظام مهما كانت نواياه. ويضع العرض المتلقي”الطفل” في أجواء الحكاية، أما بفهمها ومتابعة أحداثها، أو بإثارة الأسئلة، لأن اتفاق الجميع على طرد واحد منهم، يمثل تحريضا لعقل الطفل على السبب، وبالتالي المتابعة، والتركيز لحل الرموز والبحث عن إجابات للسؤال و يشد الطفل ليحرك عقله ويؤثر في وجدانه، لأن حالة طرد”سلومة” بهذا الشكل، تخلق متوالية من الأسئلة، أجاب عليها العرض في اللوحات اللاحقة. واعطى الزي وألوانه ، مفاتيح للطفل للتمييز بين شخوص الحكاية، فهذا اللون الخاص بالدبور” الشر”، فيما الالوان الزاهية للفراشات، والوان الجد والعمل للنمل،وهنا تكرس المسرحية قيمة الانتماء، والولاء للوطن،والتضحية والصبر والذكاء، للخروج من مأزق ظغوط الدبور” احمد الصمادي” لمعرفة مكان خلية النحل للهجوم عليها وتدميرها وسرقة خيراتها . وهنا يكرس العمل قيمة التضحية والانتماء، وعدم الخضوع للأجنبي، من خلال موقف سلومة، التي رغم عقابها ووحدتها وضعفها، إلا أنها استطاعت حماية مملكة النحل بصلابتها، ورفض الاستجابة للعدو، وبذكاء يطرح العرض انواع ” التحالفات” حيث النحلة سلومة والفراشات والنمل، كلها لها مصالح مشتركة بمواجهة الشر المتمثل بالدبور. لتكون النهاية بطرد الدبور، وسلامة الجميع، ويبرز دور القائد، بحكمته ورحمته، حيث تقدّر الملكة موقف ” سلومة” ودورها في انقاذ الخلية. ” مملكة النحل” عمل ناضج، فيه عناصر مسرح الطفل، بالحكاية والالوان والغناء والاداء التعبيري، ومحاكاة عقل الطفل، والايقاع المتماسك، والاداء المميز للمشاركين ” نرمين الفاعوري” و” احمد الصمادي” و” روان ثلجي، ورانيا سامي، وعرين خوري، وسلمى المجالي، وسيرين الفاعوري.