د. رحيل محمد غرايبة
نحن بحاجة إلى تطوير فكرة «صندوق الشهداء» ليصبح مؤسسة مالية محترمة ذات قدرة مالية كبيرة، بحيث تتولى الإشراف على عائلات الشهداء بطريقة كريمة ومنظمة، وتفي بحاجاتهم بطريقة لائقة تحفظ كرامتهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم، من حيث الدراسة والسكن والإعاشة، وفكرة الصندوق قابلة للنمو الناجح من خلال استقبال التبرعات من الشركات والمؤسسات الاقتصادية ومن المقتدرين أو من خلال اقتطاع نسبة محددة مفروضة من الضرائب لهذا الصندوق بإشراف رسمي.
من حق الشهداء علينا جميعاً - حكومة وشعباً وأحزاباً ومؤسسات مجتمع مدني - أن ينالوا المرتبة التي يستحقونها في غيابهم، بعد أن ضحوا بأرواحهم من أجل حماية أوطانهم وأهلهم، والدفاع عن أمن شعوبهم واستقرار بلدانهم، ومهما كان حجم التكريم والتقدير سوف يبقى بحقهم قليلاً، ولن يكافىء حجم التضحية التي قدمها الشهداء، لأنها لا تقدر بثمن، ولذلك لا بأس من التفكير في تطوير هذه الفكرة برعاية حكومية، أو برعاية المؤسسة العسكرية بحيث تكون مؤسسة مالية مستقلة لها نظامها الخاص الذي يحدد الموارد ويحدد طرق الانفاق بطريقة مدروسة بعناية وتكون معلنة وشفافة.
ويقترح أن يتولى الصندوق تقديم قروض سكنية كافية لإنشاء منزل لعائلة الشهيد التي لا تملك منزلاً يأويهم، وفق شروط محددة وترتيب مدروس، وكذلك يمكن أن يتولى الصندوق تدريس أبناء الشهداء في المدارس والجامعات، لمن يحقق شروط الالتحاق بالتخصصات المطلوبة، وبعد أن يكبر الأبناء ويلتحقوا بوظائفهم وأعمالهم في المستقبل إن شاء الله يسددون هذه القروض بطريقة مريحة لا تثقل كواهلهم.
هذا الصندوق قد يجد قبولاً واسعاً لدى المواطن الأردني، ولدى الشركات والبنوك والمؤسسات المقتدرة، وقد يعد هذا التبرع جزءاً من الضرائب المستحقة بوجه من الوجوه، إذا تم إنشاء هذا الصندوق بقانون رسمي، وقد يتطور إلى مؤسسة استثمارية ناجحة إذا وجد العقليات الإدارية المبدعة والأمينة، وأعتقد أن هذا الأسلوب في التكريم يتفوق على أساليب أخرى تقليدية.
الشهداء مفخرة الوطن، وعنوان عزه ومجده وقوته وعطائه، وهم يشكلون الإلهام للشعراء والأدباء، على مدار الأيام، ومن حق الأجيال أن تتعرف عليهم وعلى تضحياتهم، ومن حق عائلاتهم أن يشعروا بالفخر والاعتزاز بأبنائهم الشهداء كذلك، ومن حق أبناء الشهداء أن لا يشعروا بالنقص والفراغ، وعلى الدولة ومؤسساتها وعلينا جميعاً أن نبذل جهدنا في تعويضهم مرارة الفقد، وأن نملأ الفراغ المتحصل بغياب الشهداء؛ عبر برامج متعددة الوجوه، ومن خلال عمل مؤسسي منظم بالاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة على طريق محاولة إعطاء الشهداء بعض حقهم.