بقلم : عبدالله محمد القاق
بالرغم من ان وزير خارجية اميركا ، جون كيري التي تنتهي مهمته بعد ثلاثة ايام ،فقد شارك في المؤتمر الدولي الذي نظمته فرنسا لإحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، يوم الأحد الماضي في باريس.
وكان كيري قد شارك في الاجتماع الوزاري الدولي الأول الذي استضافته باريس في حزيران/يونيو الماضي. وهذا الاحتماع للسلام لن يحقق شيئا لازمة الشرق الاوسط خاصة وان ادارة ترامب المقبلة تبدي استعدادها للتعاون مع اسرائيل وتحاول نقل سفارة اميركا الى مدينة القدس وهذا من شانه ان يدمر عملية السلام في المنطقة وقبيل ايام القى كيري خطابا وداعيا قال في ان حل القضية الفلسطينية على اساس الدولتين سيتم خلال مدة ولاية اوباما وها هو يغادر ولم تعمل ادارة اوباما لاحياء العملية السلمية في المنطقة .والواقع كان الخطاب الذي القاه كيري مقسماً إلى ثلاثة أجزاء.
افتتحه كيري باستعراض كل ما فعلته إدارة أوباما لمصلحة إسرائيل خلال السنوات الثماني الماضية. واختتمه بذكر قائمة من المبادئ التي وصفها بأنها تستحق أن تشكل أساساً لتحقيق السلام الإسرائيلي – الفلسطيني في المستقبل.
وكان الجزء الأوسط والأطول والأكثر أهمية من خطابه يتعلق بانتقاد سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والذي يعدّ أقسى وأشمل انتقاد ينطق به قيادي سياسي أميركي ضد إسرائيل.
وخلال السنوات الخمسين الماضية كما يقول جيمس زغبي في تحليله ، كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة تفعل كل ما في وسعها لتجنب الانتقاد العام لإسرائيل. وكثيراً ما كان ذلك يفجّر السخط ضدها في أوساط الرأي العام. ولكن، وفي أحيان كثيرة، عندما يحاول السياسيون الأميركيون التصدي للسلوكيات الإسرائيلية، فلقد كانوا يفعلون ذلك بشيء من التملّق أو حتى تقديم «الحوافز» لإسرائيل لفعل المزيد. ولم يصل بهم الأمر أبداً إلى حد التحدث معها بقسوة. وهذا ما فعله كيري هذه المرة وهو ما أثار ردود الأفعال العنيفة.
ومن خلال رده على كيري، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن غضبه الشديد حتى قبل أن يكمل كيري خطابه، وعبر الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن استيائه من الخطاب عبر تغريدة على موقع «تويتر»، وسارع أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإصدار بيانات عبروا من خلالها عن دعمهم الكامل لإسرائيل ورئيس وزرائها وانتقدوا وزير خارجيتهم.
فلماذا هذه الهستيريا؟. وكما قال كيري ذاته، فإن الخطاب لم يكن المُراد منه تغيير الوقائع القائمة على الأرض ولا إجبار الإسرائيليين على تغيير سلوكهم! أو كما قال ترامب في تغريدته، عندما أشار إلى أنه وخلال الأسابيع القليلة المتبقية على نهاية إدارة أوباما، فلقد بات من الواضح أن إسرائيل ليست بصدد دفع ثمن الشروط التي تحدد إطار علاقاتها مع واشنطن. وبالطبع، لم تُظهر ردود الأفعال هذه أي اهتمام بجزئي خطاب كيري الافتتاحي والختامي.
وأما الشيء الذي أشعل هذه العاصفة النارية فيتعلق بجرأة كيري على انتقاد سياسة إسرائيل بقوة وعلى الملأ. ولقد اعتادت إسرائيل في مثل هذه المواقف على إطلاق حملة مضادة تهدف إلى تخويف الآخرين من اتباع نهج مشابه لذلك الذي اتبعه كيري.. والآن، يأتي خطاب وزير الخارجية كيري الذي لم يكتفِ فيه بانتقاد سياسة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية، بل سعى إلى تفنيد الحجج والادعاءات الباطلة التي يتذرّع بها الإسرائيليون لتبرير ممارساتهم. وفي هذا الوقت بالذات، عرض كيري بالتفصيل للضرر الذي لحق بمشروع تحقيق السلام بسبب المستوطنات الإسرائيلية. ولا شك أن خطاب كيري لن يغير سياسة إسرائيل، كما أن وصول ترامب إلى المكتب البيضاوي لن يغير سياسة الولايات المتحدة، ولكنّ الشيء الذي فعله كيري هو أنه تمكن من تجاوز المحرمات التي كانت إسرائيل تحصن نفسها بها ضد التعرّض للانتقاد.
رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية