أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات كيف نتعلم ثقافة البناء؟

كيف نتعلم ثقافة البناء؟

14-12-2016 03:00 PM

د. رحيل محمد غرايبة

عندما نقرأ ملامح المستقبل في سلوك الناس في الطرقات وأثناء قيادة المركبات، وسلوك طلاب الجامعات في ساحات الدرس وعلى أبواب القاعات، ومن متابعة الحديث والحوار والتعليقات على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي نصاب بالدهشة ويتملكنا الرعب لأننا حتى هذه اللحظة لم نضع أقدامنا على طريق النجاة، ولم تبدأ خطواتنا الوئيدة على السكة الصحيحة الموصلة إلى النهوض والتقدم.
يجب أن نقف ونصمت لنسمع بإصغاء لوقع أقدامهم وهمس كلماتهم، من أجل إعادة تقليب المسألة من وجوهها، ومن أجل التوافق الجمعي على تشخيص المشكلة بدقة، ومن ثم وضع الأصبع على الجرح الحقيقي والسير بخطوات العلاج عبر استراتيجية واضحة ومحددة المعالم ومرسومة الخطوات، ضمن منظومة متكاملة من المسارات، وغير ذلك فإننا مقدمون على هدر سنوات وسنوات في متاهة معقدة ونفق مظلم بلا نهاية ولا ضوء.
أحد جوانب المعضلة التي ينبغي الانتباه إليها بحذر، أننا أمام مجموعات عديدة متباينة في الفكر والانتماء ومختلفة من حيث التوجهات الحزبية والأيدولوجية، ولكنها تحمل سمات ثقافية متشابهة؛ حيث أنها تنتمي بمجملها إلى ثقافة الهدم، وتشعر بغربة شديدة تجاه ثقافة البناء، وبعيدة كل البعد عن تمثل قيمها ومنظومتها الأخلاقية.
وإذا أردنا أن نكون أكثر صراحة ووضوحا في ملامسة حيثيات المشكلة، وأكثر جرأة في ممارسة النقد الذاتي، فإننا يجب أن نعترف بفشل الأطراف السياسية المختلفة التي صنعت المرحلة السابقة وأسهمت في صياغة الجيل، وأسهمت في إيجاد ثقافة سائدة ظهرت معالمها بوضوح في المخرجات التي نشاهدها في الواقع والميدان، وفي كل المجالات وعلى كل المستويات، ولا يقتصر ذلك على طرف بعينه، ولا يتحمل المسؤولية اتجاه أيدولوجي محدد، وإنما يشترك في ذلك بعض من كان في الجانب الرسمي وفي السلك الحكومي أو في جانب المعارضة وميادين النضال الواسع المتعدد الأوجه والأشكال والمجالات.
ترتكز مشكلة ثقافة الهدم على فقدان الانتماء الوطني بشكل أساس، وعندما ينعدم الانتماء للوطن أو يضعف يصبح ذلك سبباً لكثير من الأمراض والعلل المستفحلة التي يصعب شفاؤها، وتظهر معالم هذا المرض العضال في ضعف الأداء الوظيفي، وضعف الإنجاز وهدر المال العام، والتمرد على القوانين والأنظمة، وعدم المبالاة في نظافة الشوارع والطرقات والساحات العامة، والعبث في الممتلكات العامة؛ لأن فاقد الانتماء لا يتمنى الخير لوطنه، ويتملكه شعور التخريب، ويفرح للمصيبة، ويصاب بداء عدم المبالاة نحو المؤسسات وعملها وازدهارها وقوتها وانتظام عملها.
وتعود المسؤولية في انتعاش هذه الثقافة المرعبة لاتجاهين:
أ. المعارضة السياسية العدمية التي كانت تحملها أطراف وأحزاب وجماعات وفصائل، لا ترى في الأردن دولة ووطناً يستحق الوجود.
ب. النخب الفاسدة التي أصبحت قططاً سماناً، استأثرت بالمقدرات العامة لمصالحها الشخصية، ولا ترى في الأردن إلّا بقرة حلوباً ومجالاً للنهب والإثراء غير المشروع.
من أجل معالجة الخطأ وإصلاح ثقافة الهدم وإعادة صياغة الجيل الجديد الذي يحمل ثقافة البناء لا بد من زرع الانتماء الوطني الحقيقي في قلوب الشباب المتحمس ولديه القدرة على العمل من خلال إعادة انتاج مرحلة سياسية جديدة ومختلفة ، على الصعيد الرسمي والشعبي والحزبي، عملاً وسلوكاً وواقعاً وتنظيراً.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :