بقلم : عبدالله محمد القاق
بينما اختتمت حركة "فتح" سلسة اجتماعات ونقاشات داخلية مكثفة، على مدار الايام الخمسة الماضية، فان حالة من الترقب تسود اوساط الحركة، ازاء قدرتها على ملء الشقوق في سطوح البيت الفتحاوي، واعادة صياغة علاقاتها وترتيب جداول اولوياتها الداخلية والخارجية، واصلاح حالة الترهل التي تمر بها الحركة ، لقد استمعت لكلمات عدد من الضيوف المدعوين الامميين والعرب وبعض الفلسطينيين خاصة كلمة ممثل حركة حماس نيابة عن خالد مشعل، رئيس الحركة، وأيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، بالإضافة لكلمة د. احمد مجدلاني، الذي ألقى كلمة باسم منظمة التحرير. خلال اليومين الماضيين القيت كلمات الوفود الـ 60 تقريبا. و في خطاب مطول في المؤتمر الفتحاوي الذي استمر ثلاث ساعات جدد عباس دعوته إلى تحقيق السلام مع إسرائيل عن طريق الحوار قائلا "ستبقى يدنا ممدودة للسلام، نحن متمسكون بسلام عادل وشامل كخيار إستراتيجي على أساس حل الدولتين، ونحن نؤكد على أن سلامنا لن يكون استسلاما بأي ثمن مع الحفاظ على ثوابتنا الوطنية".
وطالب عباس الحكومة الإسرائيلية "بتنفيذ التزاماتها ووقف النشاطات الاستيطانية من ضمنها التي في القدس الشرقية المحتلة، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان".
وشدد عباس على التمسك بـ"الثوابت الوطنية الفلسطينية وفي طليعتها إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل".
وأضاف أن من هذه الثوابت أيضا "إيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين استنادا إلى قرار الجمعية العامة 194 وكما حدد في مبادرة السلام العربية لعام 2002، وحل قضايا الوضع النهائي كافة استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وبخاصة القدس الشرقية المحتلة، باعتبارها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، والتأكيد على رفضنا الحديث عن القدس باعتبارها عاصمة لدولتين، أو عاصمة فلسطين في القدس".
وتعهد عباس بـ "العمل باتجاه مراجعة الاتفاقيات الموقعة كافة مع الجانب الإسرائيلي، نتيجة لانتهاء مددها، وتغيير الظروف وعدم التكافؤ بين الطرفين، وعدم التزام الجانب الإسرائيلي بتلك الاتفاقات".
وأضاف "سنظل نعمل بكل إصرار لتنال فلسطين عضويتها الدائمة والكاملة في الأمم المتحدة، وسيستمر سعينا ونضالنا لإنهاء الاحتلال، وتحقيق حرية شعبنا، واستقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية". كل الذين تحدثوا من الأصدقاء والأشقاء أثنوا على حركة فتح ودورها الريادي في قيادة النضال الوطني، وأكدوا بالإجماع على دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وشددوا على إدانة الاستعمار الإسرائيلي، الذي يعيق تحقيق السلام. غير انهم طالبوا الشعب والقيادة وحركة فتح والقيادة الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن بعدم الاستسلام لمشيئة المحتل الإسرائيلي الغاصب. وهذا ما جاء بالتحديد في كلمة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ميلادينوف. كما اكدوا ان الرئيس محمود عباس، رجل السلام الذي ما زال يمد يده لبناء جسور السلام مع دولة إسرائيل. أضف إلى انهم شددوا على تعزيز الوحدة الوطنية، وطالبوا المؤتمرين بتكريسها في الواقع، لأنها العنصر الاساسي في تعزيز عوامل الصمود. وأكدت ممثلة حزب الامة السوداني، السيدة مريم المنصوري على مسألة في غاية الاهمية، وهي إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب عبر إحداث نقلة في التعامل مع مكوناتها لتجاوز كل القضايا المثارة في الشارع العربي والاقليمي والدولي، ووضعت نفسها شخصيا في خدمة هذا الهدف. ليس هذا فحسب، بل انها ردت على المحرضين على زيارة فلسطين باسم "التطبيع"، واعتبرت الزيارة واجبا. كما اكد وزير الخارجية المصري السابق، احمد العربي أن عام 2017 يجب ان يكون عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وثمن عملية البناء القائمة في مؤسسات ومدن فلسطين الواقعة تحت نير الاستعمار الإسرائيلي، وهو ما يؤكد جاهزية القيادة والشعب لبناء الدولة. وتقول التحليلات "ان المؤشرات الخارجة من فصل اربعة اعضاء من الحركة على ما بات يعرف بتهمة التجنح مع دحلان قبيل اجتماع المجلس الثوري، لا توحي ان اللقاءات ستسفر عن وحدة فتحاوية، بقدر ما تشير الى ان المسالة باتت من المحرمات ولا نقاش فيها". ، ويتوقع الراقبون ان تشهد فتح مشكلات داخلية وصدامات ما بين عناصرها والاجهزة الامنية بالضفة الغربية، وهذا يقع في دائرة تصفية الحسابات، وهو ما دفع فتح لتعجيل عقد اللقاء للاتفاق على موعد المؤتمر لقطع الطريق امام جماعة دحلان او تلك الجماعات التي تنشط في الضفة". والملاحظ ، ان حركة فتح بحاجة ملحة لهذه الاجتماعات، وهي بحاجة ضرورية لجلسات لتبادل الرأي، وان انعقادها يشكل حالة ايجابية للخروج من المازق الكبير الذي تمر به القضية الفلسطينية، باعتبار ان فتح قائدة المشروع الوطني وعليها تقع مسؤولية انقاذه". ويرى المحللون السياسيون ، ان حركة فتح ما زالت غير قادرة على التغيير في ظل عدم طرح حلول جدية لازمتها الداخلية، من حيث وضع برنامج سياسي جديد للحركة، اضافة الى تمسك القوى الداخيلة الفتحاوية بنفوذها ومصادر قوتها على حساب مصالح الحركة.