أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات حل مشكلتنا ليس عند غيرنا

حل مشكلتنا ليس عند غيرنا

07-12-2016 03:30 PM

د. رحيل محمد غرايبه

من الطبيعي الاهتمام بما يحدث عند الآخرين، ومراقبة مجريات الأحداث لدى الدول الكبرى و في دول الجوار والإقليم، ولدى بعض دول العالم التي لها مساس مباشر بمصالح شعوبنا، ولها دور فاعل ومؤثر بما يجري في بلادنا، ومن هذا المنطلق يأتي الاهتمام العربي الواضح بانتخابات الرئاسة الأمريكية وبشخصية رئيس الولايات المتحدة القادم قائماً على هذه القاعدة.
لكنه ليس من الطبيعي أن يتم تعليق مصيرنا السياسي على هوية رئيس الولايات المتحدة، وليس من المقبول كذلك أن يتم تعليق مشاكلنا على غيرنا، وأن يصل الاعتقاد لدى الغالبية العظمى من أفراد مجتمعاتنا أن مصيرهم ومستقبلهم يتم تحديده عبر صناديق الاقتراع لدى شعوب الدول الكبرى، وفي الوقت نفسه لا ترى أي أثر حقيقي لصناديق الاقتراع لدينا، وأن تبق شعوبنا أسيرة لمقتضيات هذا الواقع الشاذ، وتصبح هوية رئيس دولة تبعد عنا آلاف الأميال سبباً في انقسام مجتمعاتنا ودولنا ومنطقتنا، وتؤثر في صياغة السياسات والطموحات واختيار الأشخاص والمواقع لدينا، فهذا أمر غير مقبول وغير صحيح بكل المعايير.
يجب أن نعلم يقيناً أن حل مشاكلنا بأيدينا ولدى شعوبنا، وينبغي أن نعمل بناءً على هذه القاعدة الصحيحة والثابتة التي لا تقبل الشك، وأن نعمل على امتلاك الحل، وأن نستدرك مواطن الضعف لدينا، وأن نشكل رؤية واحدة قائمة على هذه البديهية شعباً وحكومة وأحزاباً ومؤسسات، وأن نتفق على تحديد مصالحنا الجمعية وأهدافنا المشتركة بكل ثقة ويقين، وبعد ذلك نتعامل مع الآخرين انطلاقاً من مصالحنا العليا وانطلاقاً من رؤيتنا لذاتنا ومستقبلنا، ولا يتعارض ذلك مع الاهتمام بقراءة المشهد الإقليمي والعالمي، وفهم المخططات العالمية والدولية، ولكن لا قيمة لهذا الفهم ولا وزن لهذه القراءة إذا لم نحدد ما نريد على صعيدنا المحلي أولاً وقبل كل شيء.
نحن لا نملك أي أثرأو قوة حقيقية في تحديد هوية رئيس دولة خارجية، لانه يمثل خيار شعب دولته، وهم يحددون مصالحهم ويحددون معالم شخصية رئيسهم، وينبغي أن لا يأخذ ذلك حيزاً في أذهاننا أكبر من المطلوب، وأكثر من حجم المعرفة الذي يؤهلنا لكيفية التعامل الصحيح معه بمنظار مصالحنا، وليس لنا الطعن في معايير الاختيار لديهم، ولا الاستغراق في المدح والانحياز لفريق ضد فريق لديهم، فالمطلوب منا أن نحسن اختيار زعمائنا وممثلينا نحن، القادرين على حمل همومنا وحماية مصالحنا والدفاع عن أوطاننا ومستقبل أبنائنا.
نحن العرب سلخنا من أعمارنا مائة عام ونحن ننتظر من الآخرين أن يتعطفوا علينا، وأن يحلوا مشاكلنا، ولم نبدأ الخطوة المطلوبة في سياق بناء الذات ،وفي سياق امتلاك القدرة على حل مشاكلنا بأيدينا؛ لا على الصعيد القطري ولا على الصعيد العربي بمجمله، وما زلنا حتى الآن ننتظر انتخابات الدول الكبرى والصغرى، بل نجد أنفسنا مأسورين في بعض الأحيان لنتائج الانتخابات عند أعدائنا، ومن احتلوا أرضنا وشردوا شعبنا، ونحاول أن نمنّى أنفسنا بأن يلهم أعداءنا القدرة على انتخاب "الرجل المعتدل" من أجل أن يعدل في حل قضايانا، وهذا مخالف للعقل والمنطق ومخالف لكل أعراف الواقع السياسي.
ليس أمامنا إلّا أن نشرع بسلوك الطريق الصحيح المتمثل بالعمل الجمعي على إعادة الشرعية للشعوب العربية المقهورة من أجل إعادة بناء نفسها ودولها، ومن أجل العمل على بناء المشروع الوطني أولاً على صعيد كل قطر، ومن ثم الذهاب الى أ بناء المشروع العربي الكبير بعد ذلك ، حيث أنه يمثل حبل النجاة للعرب وحل قضاياهم، وبغير ذلك سوف يبقون كالأيتام على موائد اللئام.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :