إعداد / جمال المصري

مقالة الأسبوع / ظلموني .. وظلمت نفسي

كثيرات هنّ اللواتي ظلمن أنفسهن .. أو ظلمن من قبل اّبائهن وأولي أمرهن .. فقد كنّ يدعون من قبل بالصبايا والفتيات .. والآن أصبحن نسوة وعوانس ، فبعضهن ظلمن أنفسهن بأنفسهن .. فقد تعففن وتعالين كثيراً عن النعمة في حينها ، نعمة الزواج والقناعة ، أو تردّدن وخفن من القبول بالزواج من شخص ما خوفاً من أن يظهر فيما بعد على غير ما يرام ، أو كانت موظفة ولها دخل ممتاز ظنت بالجميع أنهم طامعين بها ، أو انتظرن عريساً بمواصفات عالية : غنياً أو ذو شخصية جذابة .. أو يملك وظيفة مرموقة .. الخ من الأسباب الكثيرة التي لا تخفى على أحد . ولكن ماذا جرى لها ؟ لقد مرّت عليها السنين تلو السنين وهي لا تشعر .. وأخذت تكبر عمراً وتهرم جسداً .. ومن كانت ترفضه قبل سنوات لسبب ما ، أصبح هو الآن لا يقبل بها ، وهكذا إلى أن تعدّت الأربعين والخمسين عاماً وفقد الأمل وظلمت نفسها بنفسها . وأخريات ظلمن من الوالد إن لا زال حيّاً ، أو من الوالدة أو الأخ .. فتجد والداً شرهاً ، رهن ابنته تحت ذراعيه كونها تعمل وتدرّ عليه راتباً جيداً .. يعطيها منه القليل ويحتفظ بالباقي الكثير ، وكلـّما أتاها عريس يعرقل هذا الوالد القبول والموافقة ويختلق مليون علـّه ، لأنه أصلاً في نيـّته أن لا يزوجها ، وربما أن الوالد متوفى فأخذت الأم أو الأخ هذا الدور من الاستغلال .. وفي حالات أخرى يكون هناك أخوة وأخوات تزوجوا ولهم أبوان أو واحد منهما عاجز مريض .. فأودعوا أختهم هذه خادمة له تقوم على رعايته ، وبعد وفاته وهذا هو دوماً الحاّل الطبيعي ، تصبح هذه البنت عبئاً على نفسها .. وثقلاً وهمّاً على غيرها .. تجدها بدون استقرار .. بدون منزل ولا خصوصيات .. لا زوج لها ولا ولد .. بشنطة ملابس تنتقل من بيت أخيها هذا إلى أختها تلك أو عمها هذا وخالتها تلك .. كضيفة ثقيلة الدم ، عند كل واحد يومان أو ثلاثة ، تلقى الاهانة من الصغير قبــل الكبير . فنقول لبناتنا وأخواتنا : ارضين بالنصيب .. وربما فقير الحال بين ذراعيك يصبح غنياً من الله .. وربما جميل جذاب يصيبه مرض أو تشويه فيصبح ذاك القبيح السابق أجمل منه ، فلا تتعالين على نعم الله .. فالعنوسة كاّبة قاتلة .. ظلمة ووحشة وهي حياة حسرة ودموع لن يرحمك فيها أحد ، ويـا اّباء وأولي الأمر : اتقوا الله ولا توقفوا حياتهن وسنـّة الله في خلقه ، طمعاً في المال والمصلحة الذاتية .. هي من لحمكم ودمّكم .. وحقها في الحياة أن يكون لها بيت ولو من غرفة واحدة تكون هي ملكته ، وأسرة ولو من طفل واحد أو حتى من زوج فقط .. يساندها ويعينها وتسانده .. يقول تبارك وتعالى ( يا أيّها اللذين اّمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدّمت لغد ... ) صدق رب العزة والجلالة .

( 1 ) مشاركـــــــات