د.نضال شاكر العزب
حين يصعد شاب مصري - اسد - ثلاثا وعشرين طابقا لينتزع علم الاحتلال الصهيوني من مكانه في القاهرة .. يرسل تطمينا لنا - نحن العجزة - ان الارض سيرثها عباد الله المستضعفون وان الله سيمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.. ورحلت الذاكرة .. كنا صغارا لا نملك الكثير من الذاكرة حين اقتلعت العائلات الفلسطينية من بيوتها .. لتسكن مدرسة يافا ..»في السلط« حينها لم تبق فرشة على الوهد - مكان وضع اللحف والفرشات - كنا نسهم بحمل مخدة او لحاف للاسر التي اتخذت الغرف الصفية بيوتا!! ونرى المأساة على وجوه الاباء الاجلاء حينها سمعت ان فلسطينية - من هول الترويع - قذفت بابنها معتقدة انه مخدة!! حينها شعرت ان لا وقت كي ابقى - صغيرا.. وعلى قارعة الطريق فهمنا من الفلسطيني - ان لا شيء يعوض - عن يافا وجنين وطوباس .. لا شيء يحل مكان الاخ والاب .. لا شيء يلوع كالفراق كبرنا وفهمنا ان فلسطين - امنا - وان لا صلح ولا مفاوضة ولا اعتراف بالغازي الكاذب - الذي يحرف الكلم عن مواضعه .. الذي يريد افساد الحرث والنسل ولهذا ارتجفت جوارحنا .. حين حل السادات وعانق بيغن - رئيس الوزراء الصهيوني بحرارة رغم انه يعرف انتماءه لعصابات التهجير - شتيرن وابطال مذبحة دير ياسين رجفت قلوبنا حين »صب الجليد« على مشاعرنا الملتهبة الرافضة للبربرية الصهيونية المحمولة لنا .. وتخدرت مشاعرنا .. ولكن .. ها هو الشاب العربي المصري - الاسد - يصعد (23) طابقا يضع روحه على كفه كي ينتزع العلم ذا النهرين الازرقين - الفرات والنيل المحتضنين للنجمة السداسية .. ليعلن للاسرائيلي ان النبض هو النبض والرفض هو الرفض وان العلم ليس له مكان لا في الهواء ولا في الارض .. وليعلن ان الدماء السيالة في سيناء لن تعالج باعتذار.. هكذا لنثبت ان روح رفض الاذعان وتنكيس الرؤوس هي ليست بضاعة الانسان المؤمن بانتصار الحق .. وان الدم المهراق - للجنود المصريين - ليس كيس شيبس يتلف .. وبعدها ثارت ثائرة المجتمع الصهيوني ثار الاثيوبي - الفلاشا - والبولندي والهنغاري مطالبين بالثأر من مصر .. ومؤكدين اجتياحهم لسيناء - تلك الصحراء الساقطة استراتيجيا - والتي يستطيع الصهيوني اجتياحها دون ممانعة تذكر. نعم ثار الصحفيون وارادوا من حكومتهم اعادة احتلال سيناء .. وقالوا على صدر صحفهم »اسرائيل عاهرة الشرق الاوسط« وليزدادوا دجلا طلبوا من مصر الاعتذار على استعباد بني اسرائيل .. وكأن الروسي والبولندي هم بنو اسرائيل .. طالبوا حكومتهم - ان تلحس الخرق - البامبرز - اثبت الصحفيون - الصهاينة - انهم من الدرك الاسفل - حتى في استعمال الالفاظ الحضارية - وان عهودهم ومواثيقهم لا تساوي الحبر .. وكما فعل اجدادهم سيفعلون وكما في الحقيقة - ضربني وبكى .. وسبقني واشتكى .. نسوا فعالهم وحرقهم الناس الغزاويين بالفسفور الابيض - سارعوا لاتهام العرب بالنازية وانهم اي العرب يجهزون - المحرقة لهم!! لا بل ان شتيمة العربان اصبحت ببلاش وان العرب هم اعداء السامية التي - بالاصل - لا تمت للروسي والهنغاري والبولندي بصلة .. ولم يستوطن لهم جد في الارض المصرية. ان جهد الشباب المصري هو جهد متقدم مبارك .. كما ان جهدا اعلاميا مطلوب في فضح التسافل الصهيوني يتبعه جهد تثقيفي يفضح الصهيونية ويبين خطرها.