الشاهد -
الدكتور بشار الشريدة
يعيش المجتمع الأردني في مرحلة قد توصف بالصعبة حينا وبالمحيرة حينا آخر ، وهو نوع من الصراع الذي يعانيه البعض حول العلاقة الجدلية بين الحزب والعشيرة ويثير البعض الكثير من الأسئلة المحيرة فأين يتجه الحزب ؟ وأين تتجه العشيرة في منظومة الدولة الأردنية ؟ وكيف يكون انتمائنا لكل منهما ؟ هل أصبحت العشيرة هي الموضة القديمة والبالية ؟ وهل أصبح الحزب هو الموضة الحديثة ومن متطلبات الحداثة ؟ هل نتنكر لعشائرنا أم نتنكر للأحزاب السياسية وننأى عنها ؟ خاصة بما تحمله سمعتها في العقود الماضية من سلبيات ومشاكل معروفة لنا جميعا وملاحقات ومطاردات لا تخفى عليكم . والسؤال الأهم ماذا تفعل الأجيال القادمة وكيف ننشئهم ونربيهم تربية متوازنة في ظل هذه التناقضات ؟ وللإجابة على هذه الأسئلة جميعا نورد الفرق الجوهري بين العشيرة والحزب ، فالعشيرة هي رابط جيني وراثي تكون بين مجموعة اجتماعية ارتبطت بزمان ومكان والإشارة للزمان والمكان هنا يعني تتابع الأجيال وحركة التاريخ ، ومما لا شك فيه أن العشائر والقبائل الأردنية خاصة والعربية عامة قد حافظت على الموروث الحضاري ونظمته ومنعت التجاوزات وحمت الحمى ونظمته في بوتقة رائعة قامت فيها بدور الدولة وبديلا عن التشريعات والأنظمة والقوانين المرعية في زمننا الحاضر، والتي كانت مفقودة في حقب كثيرة حيث لا يزال بعضها مسيطرا ليومنا هذا إلى حد ما ولا بأس بذلك لأنه ثبت أنه يحل المشاكل والصراعات أحيانا أفضل من التشريعات الحديثة ، وهي وبلا فخر التي احتضنت الإسلام واللغة والأدب بمجمله والأمثلة كثيرة ، فكيف نترك العشيرة أو نهجرها والغرب الآن يبحث عنها ويسعون للبحث عن الجذور والأنساب والموروث الذي فقدوه ثم انتبهوا وعادوا للبحث عنه ، أما الأحزاب فهي الصيغة الضرورية لنماء المجتمعات في معطيات عصرنا الحاضرفي إطار فكري برامجي سياسي تحت مظلة الدولة الحديثة والوعي المجتمعي لهذه الضرورة ، ويجب أن نعلم أن المرحلة القادمة والتي أصبحت تتشكل مقدماتها في الأردن ستكون الأحزاب فيها هي العناصر الفعالة التي تتنافس على نظام الدولة المعاصرة ببرامجها التطويرية والإنمائية وعليه فيجب توعية المجتمع بصفة عامة والعشائر الأردنية بصفة خاصة للمشاركة في الأحزاب وهذا لا يلغي إنتمائك العشائري بل قد يعززه باعتبار أن الانتماء العشائري هو علاقة جينية وراثية وهذا لا يفسد للود قضية فقد أكون أنا وابن عمي أو أنا وأخي أقارب نتواد ونتعاطف ونتراحم ونجتمع في كل مناسبةوفي كل حين ولكن من حزبين مختلفين لكل رؤياه وبرامجه وأولوياته التي يرتأي كل واحد منهما أنها تخدم الدولة وتسعى للأفضل فما المانع وبالثقافة والوعي نختلف ونتصالح والحكم في ذلك يعود للديمقراطية والعدالة التي تمارس على الجميع ومن ينجح ويستلم الحكم ينفذ برامجه الإصلاحية وقد يستمر أو يأتي غيره من الأحزاب المعارضة فيستلم من جديد وهكذا دواليك ، ونلاحظ ظاهرة نفور عامة من الأحزاب استنادا للماضي وموروثه السلبي علما أن المستقبل سيكون للأحزاب حتما وبلا أدنى شك وعلينا أن نوجه أبناءنا للأحزاب ، وأنا شخصيا لا أرى أي تناقض بين دور كل من العشيرة والحزب بل أجد أن دور كل منهما تكاملي للآخر وإنه يمكن التوفيق بين الدورين بحيث يكون كل منهما ظهيرا للآخر وليس نقيضا كما يعتقد البعض.