أراك ترحل والناي يئن بوجعي الأردني صوب الجنوب «ولدا ندي العود حين عرفته»، فكنت أراك بالسجى الموجوع تذرع عتبات الجامعة الأردنية صداحا بحب الربيع والشجر ومحلقا مع طيور الأردن البرية، وتقدسك هالة الوطن فلاحا تضرب فأس الوطن بأرض كرومه علك تظفر بقبلة تمسح عن وجنتك حزن لقاء مر بك ولم يقر، وبسمرتك أغويت القوافي فصارت حبلى على لسانك لتنثر قبلا على جبين الوطن، وكنت بكلماتك سلطان السرو الشامخ في خدود القامة الأردنية، ففجعت مفرداتنا إذ لم تستأذن عشاقك برحيلك فتركت عنوانك بين دفوف شعرك السابح في قلوبنا والعاصف بقولك:
«وحملتني يا ناي أغنية على كفين من قمح ونار
وندى وند، طاب فوحهما على شمس وغار»
لقد كانت معركتك مع الموت مستعجلة وكنت تأسف لطول انتظاره لك ووقوفه في باب روحك وأنت المتشبث بحب اربد وعمان والأردن قائلا «هذي بلادي لا طول يطاولها في ساحة المجد أو نجم يدانيها» فقد سحت العبرات سابقة نبأ العيد الصباحي حين ذُُرفت دموع الخاشعين في محراب حبك حاملين بكفوفهم قطوف قصائدك الفوارة عبقا أردنيا لا يدانى ، فقد طاف القمح في قبضتك وانسل ذهبا دبقا بسمرتك الغاوية.
في شعر حبيب الزيودي تلمسٌ يقارب ضياع شاعر العصر الجاهلي» العرجي « في فقده وعزلته « أضاعوني و أي فتى أضاعوا»، فكان حبيب يرى نفسه منفيا مبعدا وهو ينشد للحقول في العالوك قصة القمح والشموخ و المجد .......القمح الذي نبت في بطون الحقول والقصيد الأردني، كان يرى تآمرا يطوق حبه للصبايا اللواتي عبرن بستان عشقه فأقام بيت القصيد على خدود السفوح الجنوبية حاملا زهر الحب الإربدي الفواح في يد وفي أخرى قلما محشوا بذكرى أليمة ، فشعور الضياع عند حبيب يتأتى من حزن دفين ليس سببه تهميش قصدي تجاهه بقدر ما هو تشاكي المحب من حبيبته و إن جادت بالوصل أو انقطعت عنه، فملامح التمرد والخروج في شعر حبيب يصدُرها توظيفه للصعاليك بيئة وسلوكا ينفرد به حبيب، وهو حال الشعراء والكتاب الخارجين عن كل منتظم ومألوف، فيرون فيه التقييد والحبس، لذا رأيناه يهرب للطبيعة قمحا ونبع ماء في راحوب وقد أحاطه الخوف من كل جانب؛ لائذا بنداء الطبيعة غير المتعفن بكدر المتربصين والواشين وما أكثرهم.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.