بقلم عبدالله محمد القاق
تواجه الاوضاع اللبنانية تفاقما ملحوظا بعد استقالة وزيرين من حزب الكتائب احتجاجا على تدهور الحياة السياسية والتشريعية وعدم انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية.
وفي القراءة السياسية، انسجم حزب الكتائب مع خطابه المعترض على كل السياسات الحكومية، لكن ثمة خلافاً واضحاً على نتائج الاستقالة وما اذا كانت ستشكل صدمة وارتجاجاً في الوضع القائم، وخصوصا في الاداء الحكومي المتعثر، وتدفع في اتجاه الانتخاب الرئاسي، أم تذهب ادراج الرياح وتمر من دون ضجيج كما تم التعامل مع خروج الوزيرين من مجلس الوزراء الخميس الماضي؟ الأكيد، استناداً إلى مصادر متابعة، ان استقالة وزيري الكتائب عززت قوة وزراء "التيار الوطني الحر" وجعلتهم يمسكون بورقة الميثاقية والتمثيل المسيحي في الحكومة الأمر الذي يقوي فاعليتهم وقدرتهم على التحكم بمسار الامور مدة قد تطول في ظل الشغور الرئاسي المستمر منذ سنتين كما تقول صحيفة النهار اللبنانية، خصوصا ان لا إمكان لاستقالة الحكومة كاملة وتعيين بديل منها..
وبرز مجددا السؤال المعتاد: لمن يقدم الوزير استقالته ومن يوافق عليها؟ يجيب وزير الاعلام رمزي جريج الذي نأى بنفسه عن الاستقالة لأنه غير منضو في الحزب: "هناك وجهتا نظر، الأولى ان الاستقالة من الوزارة عمل أحادي وغير مرتبط بجهة معينة وليس مشروطاً، والثانية أن الاستقالة مشروطة بقبولها من رئيسي الجمهورية والحكومة، وهذا الأمر يستند الى الفقرة 4 من المادة 53 من الدستور التي تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية التي تقول أن الاخير يستطيع بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء أن يصدر مرسوم تشكيل حكومي ومراسيم قبول استقالة الوزراء، فإذا كان من معنى لهذا النص فهو ان الاستقالة لا تكون نهائية إلا بمرسوم قبولها". وأضاف: "ممكن أن تُفسر أيضاً أن الحكومة مجتمعة التي تحل مكان رئيس الجمهورية يمكنها قبول استقالة الوزراء".
الوزير جريج الذي سيبقى في الحكومة على رغم انسحاب حكيم وقزي، يشبه حاله بحال رئيس الحكومة تمام سلام الذي يصبر ويتحمل على رغم عدم نيته الاستمرار في رئاسة الحكومة "لكن الظرف يقضي بأن يتحمل المسؤولية، سأبقى لادافع عن القضايا التي كان يدافع عنها حزب الكتائب، وهي محاربة الفساد والشفافية وحل القضايا التي تهم المجتمع المدني والناس". ويؤكد ان "الحكومة تواصل عملها في شكل طبيعي لأنها لا تعتبر مستقيلة إلا باستقالة ثلث اعضاءها، ومن الطبيعي أن هناك وزراء بالوكالة اثناء غياب الاصيلين،.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان ثلاثة احتمالات تحكم المرحلة المقبلة وهي: اولاً: تسريح العميد محمد الطفيلي وفق القانون، وهو ما يبدو متعثراً بسبب ضغوط داخلية واصرار على تسريح المدير ونائبه معاً، وتمنيات خارجية عبر وسطاء بقاعيين لابقاء الطفيلي في موقعه حالياً.
ثانياً: تأجيل التسريح، وهو أمر متعثر أيضاً لانه غير قانوني ولا يمكن تطبيق ما حصل مع عدد من ضباط الجيش على المديرية العامة لامن الدولة، وأي تمديد يتطلب اقتراحاً من المدير العام وهذا غير متوافر بالطبع. (راجع المطالعة القانونية في "نهار" الاثنين).
ثالثاً: تعيين بديل منه وهو الخيار الانسب والذي يمكن الاتفاق عليه في مجلس الوزراء، وفي حال عدم حصول الامر يمكن متابعة الامر باشراف مباشر من رئيس الحكومة الذي يحل محل مجلس القيادة في الامور التي تحتاج الى قرار يتعدى المدير العام وحده.
لكن المصادر تخوفت من عرقلة متعمدة اذ تبين ان المصاريف السرية المخصصة للاعمال الامنية تصرف لكل الاجهزة من دون قرارات ومن دون تواقيع، أي أوتوماتيكياً، وتالياً لا يمكن حجزها أو منعها عن أي جهاز إلا بناء على قرار يتخذه مجلس الوزراء، وهذا ما لم يحصل في أمن الدولة في حين قطعت عنه المصاريف السرية وغير السرية حتى بات الضباط والعناصر يحضرون معهم أوراقهم وأقلامهم بعدما نفد الاحتياط.
واسفت المصادر الوزارية ان يكون الرئيس سلام استمهل الجميع فترة لكي يرتب الحل من دون الاقدام فعلاً على ذلك بل انه خضع للامر الواقع، ونقلت عنه انزعاجه "لانو مش ماشيين معي بالحل".
ودعا "تكتل التغيير والاصلاح" بعد اجتماعه أمس الى احترام هرمية المؤسسة والتراتبية فيها كباقي المؤسسات والقوانين المتعلقة بسن التقاعد والاصول المرتبطة بها نسبة إلى التعينات والاعتمادات المالية اللازمة لتسيير هذا المرفق الامني العام.
والواقع "إن منهجية تعامل الحكومة مع ملف أمن الدولة هي منهجية تدميرية لواحدة من أهم مؤسسات الأمن في لبنان. إن موقفنا واضح وهو تطبيق القانون وتسيير أمور مؤسسة أمنية عسكرية موجودة اليوم على الساحة، وهذا من حق المؤسسة والعاملين فيها وهو حق عام للبنانيين. إن ذريعة التمديد سقطت منذ الإنتخابات البلدية الأخيرة، وموقفنا رافض رفضاً كاملاً لأي تمديد أو تأجيل تسريح".