محمود كريشان
على انغام "روائع الازعاج" الصباحي المعهود، و"الجعجعة" اليومية بدءا بـ"طقطقت العظام" و"دق الماني"! .. بدأ "عقيل" يومه، وقد اشرق وهو يرتدي الملابس "التي على الحبل" متأنقا ببدلة السفاري ذات اللون "البيج" وقد وضع في اطار قبة رقبتها محرمة "فاين"، وبدى اكثر شبابا وحيوية بعد ان قام بصباغة شعر رأسه بـ"الاسود الفاقع" لاخفاء الشيب الذي غزى مفرقيه!.. عموما .. في ذلك الصباح المعطر برائحة "الديزل" في ارض مجمع رغدان في المحطة، كان "عقيل" يمتطي صهوة باص "الكوستر العمومي"، متوجها بيمن الله ورعايته الى شارع الجامعة، وقد طلب "كونترول" الباص من الركاب قبل الاقلاع ان يتفقدوا "سترة النجاة" اسفل المقاعد، وربط احزمة الامان وتلاوة دعاء السفر لان الاقلاع وشيك جدا!! ومع انطلاق الباص بسرعته الجنونية، استل "عقيل" قلم البيك الازرق وراح يهذي بعبارات غير مفهومة على ورقة كرتونة سيرف طردا للملل وجاء فيها: "مين اللي سرق الغلة"!.. و"مين خان الامانة"!.. وليد توفيق في لندن، "يتبغدد" بمال الاردنيين.. و"السيرك" بدأ عروضه مجددا.. وملفات تم لفلفة طوابقها.. الفوسفات وسكن كريم والعبدلي وامنية وموارد.. وطار الدوري .. طار .. في تلك الاثناء كان "عقيل" يغط في نوم عميق، والباص قد تجاوز شارع الجامعة واصبح على مشارف الكمالية .. عندها صرخ قائلا: نزلني هون!.. هبط "عقيل" بسلام وتراءى امامه الضريح المحاط بغابة من الاشجار الكثيفة باجواء جنائزية كئيبة .. وهمس عقيل قائلا: الله يرحمك يا "وصفي" .. خيرا فعلت عندما غادرتنا قبل الآوان.. ربما حتى لا تشاهد هظول "الزعران"..!!