عنود ابو العوف
نحن لا نكتب أقدارنا، ولكن ربما نستطيع أن نصنع قصصا في حياتنا، في خضم الحياة ومعاركها قد يطرق أبوابنا زائر ثقيل لا نستطيع صده، لكننا نتكيف مع قدومه، فالحياة مليئة بالمنعطفات الجميلة احياناً، والقاسية أحيانا أخرى.
ولكل منا قصة وحكاية قصصٌ وحكايات ممزوجة بالأمل والصبر والعزيمة والإصرار، ويقول الكاتب الأمريكي الراحل روبرت شولر "ليس المهم ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك"، تنطبق في مضمونها على الشابة الأردنية "لبنى زكارنة"، التي حولت ألمها مع مرض السرطان إلى قصة أمل، أحيت بها نفوس الكثيرين.
لبنى زكارنه (33 عاما)، فتاة درست الهندسة المدنية وانخرطت بعدها في سوق العمل، بمجال الإشراف الهندسي لثمانية أعوام، ثم إلى مهنة التعليم لفصل دراسي واحد.
لم تكن تعلم بعد عدة فحوصات كانت تقوم بها بشكل دوري إنها ستكون واحدة من بين الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض سرطان الثدي، ففي عام 2015 علمت بأنها ستكون أحد مُحاربين مرض السرطان ، وكان تقييم الأطباء لمرضها بأنه من النوع المحصور وسريع النمو.
شُخصت بمرض سرطان الثدي بعمر (26) عاما وكان بمراحله الأولى حيث اجتاحها شعور غريب لا يمكن تفسيره، مزيج من الألم والخوف، كان بمثابة صدمة بالنسبة لها ولعائلتها، شعرت بزيارة ضيف ثقيل الظل على عائلتها دخل من خلال جسدهاوكان بمثابة غمامةُ سوداء.
بدأت مرحلة العلاج وكانت بالنسبة لها كأي مرحلة أخرى لكنها مؤلمة بعض الشيء ولا تخفي انها كانت تنال منها فقد كان المرض قوياً، رغم ذلك ما زالت صامدة وسوف تهزم هذا المرض الذي لم يكن له مكاناً أو حسباناً في ذهنها و حياتها.
بدأت بأخذ جرعات الكيماوي التي أثرت سلباً على نفسيتها و حياتها نتيجة التغيرات التي طرأت عليها، منها تساقط الشعر واصفرار الجسد الدائم، وبعد الجرعة الثالثة أخبرها الطبيب بأن الورم لا يتجاوب إيجابيا مع الجرعات وأصبح حجمه أكبر من الطبيعي بنسبة 6سم.
وبعد فشل جرعات الكيماوي قررالطبيب إعطائها نوعا أخرى من العلاج ومن هنا بدأ الألم يزداد شيئاً فشيئاً ولم تستطيع تحمله، وكنتُ تلجأ إلى الطوارئ نتيجة عدم قدرتها على التحرك بسبب الأعراض الجانبية للعلاج، ولكن مع كل ذلك " لم تستسلم فقد كانت دائمآ مؤمنة أنها ستخوض المعركة مع المرض وسوف تتخلص منه بأمل جديد لحياة سعيدة".
تضيف لبنى أن العلاج الكيماوي سبب لها عصبية زائدة، حاولت التخلص من التفكير بالمرض وتأثيراته الجانبية، ولجأت إلى تعلم غزل الصوف بالصنارة، فمن بين نسيج خيوط الصوف اطلقت مبادرة (صنارة وحكاية)، لتنسج البسمة والبهجة في عيون مرضى السرطان، لتقديم أجمل الهدايا والألعاب لهم من تصاميم وإبداعات مصنوعة من الصوف بأشكال مختلفة على مدار العام".
تأسست المبادرة عام ٢٠١٧ لدعم مرضى السرطان، وإدخال الفرحة لقلوبهم كباراً وصغاراً بهدايا مصنوعة يدوياً والتي لا تصنع إلا حسب الطلب.
وقالت المبادرة نابعة من قلبي فأجمل اللحظات عند توزيع الهدايا لأطفال مرضى السرطان، فهم يأخذون الهدايا بنفس الوقت يلعبون بها معنا بفرحة لا توصف.
لم يَعد مرض سرطان مخيفاً كما كان من قبل، هذا المرض الذي لطالما أرعب الجميع كأنه ملك الموت مجسد بصفة علة أو باب أسود لا يوجد وراءه سوى الظلام لا يمكن تجاوزه، بمجرد التلفظ باسمه تقشعر له الأبدان؛ لأنه بالنسبة لأغلب الناس رمز لنهاية الحياة فهو نقطة وصول آخر محطة في تاريخ الإنسان ، و قطع حبل الأمل وتدمير للمستقبل.
لم يعد السرطان المرض المرعب الذى يصيب الإنسان ويقف عائقاً امامه في تحقيق آماله وطموحاته، بل يمكن أن التعامل معه كأي مرض يمكن السيطرة عليه بشجاعة وعزيمة وارادة قوية؛ فهم أساس الإنجازات العظيمة التي نصل إليها رغم الألم والأوجاع وعقبات الحياة، بالعزم والاصرار نحقق حلماً لم يعد مستحيلاً.