أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية شايفك سالم الخزاعلة .. قروي يعرف أسرار العاصمة -...

سالم الخزاعلة .. قروي يعرف أسرار العاصمة - بورتريه

04-08-2023 08:57 PM
الشاهد -

كتب : هشام عودة

من المؤكد أن رجلا بمواصفات سالم احمد الخزاعلة سيستمع جيدا لشكاوى المظلومين من البسطاء وغيرهم، الذين سيجدون في ديوان المظالم ورئيسه المنفتح ما يخفف عنهم بعض ما يشعرون به من غبن، لكن ليس من الضروري أن تجد كل المشاكل التي ستحط بين يدي أبي أحمد أو على مكتبه حلولا مرضية، وصار على الرجل أن يدرب نفسه منذ الآن على معايشة أجواء المظلومين الذين سيتكدسون على أبواب مكتبه ، خاصة أن الدولة قد تكون طرفا في بعض المنازعات والشكاوى.

حين كان سالم الخزاعلة طالبا في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية نهاية السبعينيات، لم يكن يعتقد انه سيشغل مناصب رسمية رفيعة، فذلك الشاب الذي استهوته دراسة القانون، كان أقرب إلى صفوف المعارضة السياسية، ولا يتوانى عن المشاركة في المسيرات والتظاهرات المناهضة للحكومة، لكن الحياة العملية تختلف تماما عن الحياة الجامعية، وهذا ما أدركه جيدا ذلك المحامي الشاب الذي عمل في بنك الإسكان، قبل أن يصبح في قلب دائرة الاهتمام السياسي.

قبل أن يدخل نادي الوزراء ويتعرف على ما يدور في أروقة الدوار الرابع ومحيطه، تقلب سالم الخزاعلة في عدة مواقع رسمية من أبرزها وظيفته كرئيس لديوان المحاسبة ومراقب للشركات التي أدرك من خلالها بعض ما يجري في ميدان الاقتصاد والتجارة، والعلاقة الوثيقة بينها وبين السياسة وصناعة القرار.

عاش حياة بسيطة فيها مزج كبير بين البداوة والريف، ورغم وجوده في قمة الهرم السياسي في العاصمة، إلا أن الرجل ما زال يحمل طيبة أبناء القرية وأخلاقهم، سواء كان يقيم في الدجنية أم في العالوك، لأن أجواء القرية وعلاقة أبنائها مع الآخرين، هي التي رسمت ملامح حياة ذلك الشاب الذي أصبح وزيرا.

ورغم انه ينتمي إلى عشيرة بني حسن إحدى اكبر عشائر الأردن، إلا أن الرجل يؤكد انه من حصة الوطن كله، وربما وجد ارتياحا خاصا عندما تسلم حقيبة وزارة الصناعة والتجارة في حكومة الدكتور معروف البخيت التي يعرف ممراتها وردهاتها وأسماء موظفيها، ويرتبط معهم بعلاقات تتجاوز علاقة الرئيس بالمرؤوس، إلا أن المقربين منه يؤكدون انه كان سيختار حقيبة أخرى لو تم استشارته في ذلك.

في خلواته القليلة يتحلل أبو احمد من وقار المسؤولية وهيبتها، ويبدأ التعرف على نفسه كشاعر فالقصائد التي كتبها الوزير ظلت حبيسة الأدراج، ربما لأن الشاعر لا يلتقي مع السياسي في عرف منتسبي نادي النخبة، أو لأن الوزير يريد تأجيل الإعلان عن شاعريته حتى إشعار آخر، أي حتى يتحلل من سطوة مسؤولياته الرسمية، رغم أن الذين قرأوا شيئا من قصائد الوزير ظل عددهم محدودا، بعدد قصائده التي أدمنت ظلمة الأدراج المغلقة.


عندما كان يتم الحديث عن الفريق الوزاري في الحكومات التي شارك فيها ، لم يكن سالم الخزاعلة يصنف من ضمن وزراء " الديجيتال"، رغم أن الرجل شاب منفتح وكان يقود وزارة ذات تأثير ملحوظ في عجلة الاقتصاد الوطني والسبب في ذلك أن أخلاق القرية ما تزال تبسط هيمنتها على طبيعة و الرجل وسلوكه وممارساته.


يبتسم دائما، ويظل باب مكتبه مفتوحا أمام الناس فالذين تعرفوا إليه عندما كان مراقبًا للشركات، أو في ديوان المحاسبة يعرفون درجة قربه من الناس، واستعداده لحل مشاكلهم وتذليل من يعترضهم من عقبات إدارية بنفسه أو بتوقيعه.

وزارة الصناعة والتجارة تمد اذرعها على مساحة الوطن كله لكن ذراعي الرجل لم تستطيع الإمساك بأطراف اللعبة الإدارية كلها، رغم استعداده لذلك وحرصه على أن تقوم الوزارة بدورها جعله في مواجهة الكثير من الأسئلة التي لم يجد لها جوابا في مكتبه على أطراف العبدلي، وهو القادم من وزارة تطوير القطاع العام، ويعرف أكثر من غيره حجم الترهل الإداري في الوزارات والمؤسسات التي يعاني العديد منها من أشكال متنوعة من البطالة المقنعة بسبب سوء استخدام الإدارة وحجم التعيينات التي تحمل أجندة شخصية بكل أنواعها.


وبعد انتهاء مهام عمله، أو في عطلة نهاية الأسبوع في حال توفرها، يعود سالم الخزاعلة إلى سابق عهده القروي، قريبا من أطفاله ومن زوجته الأكاديمية النشيطة أم حمد، ويتصرف كما محيطه تماما، ضاربا عرض الحائط بكل تقاليد البروتوكول التي تقيده في محيط عمله الرسمي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :