بقلم: د. ذوقان عبيدات
كثيرًا ما يقال: نجحت العملية ومات المريض، أو عملنا" ما علينا والباقي على ربنا"! فمن الذي عاش، وما الذي مات؟ ومن الذي نجح، وما الذي مات؟ وما الفرق بين الحزبيّين، وبين الأحزاب؟
كثيرة هي الفروق: فالحزبيون جاهزون، والأحزاب صناعة وبناء! والحزبي تحت الطلب لا يدري أين يذهب! وهو غالبًا ليس له خيارات! لبّى أول دعوة، أو أفخم دعوة، فأسرع وأسّس، وانتسب. والحزبي الحديث غالبًا ما يكون كالغنيِّ الحديث، ينقطع عن الأصل، ويعيش الدور، ينفق دون حساب، ويشتري ما لا يحتاج. فماذا يحدث لو التقى حزبيّان معًا؟ أين يلتقيان وأين يفترقان؟ وعلى ماذا؟
تُرى! ماذا سيتكلف حزبيٌ انتقل من حزب إلى آخر؟ ما الذي سيتركه وراءه؟ وما الذي سيجلبه لحزبه الجديد؟ نعم الحزبي جاهز، لكن الحزب يُصنع، فمَنْ يصنع مَنْ؟ المعروف أن الحزب فكر، وليس صحيحًا أنه برنامج! فلا برنامج دون فكر! وهذا الفكر هو الذي يوضع أمام الجمهور ليبنيه وليس العكس! هذا في البداية على الأقل، يدخل الحزبي حزبه اختيارًا حرّا لفكره، ويبدأ الحزب بعدها في تصنيع الحزبي: فالإسلاميّ يختلف عن القوميّ، والمدنيّ يختلف عن غيره، ويتعمق فكر الحزبيّ باستمراره ونموّه! فلكل حزب في العالم مفكروه، ولكل حزبي قادته وأعضاؤه ومستوياته، فالحزبية تراتبية، ولا تنشأ كأسنان المشط، ولا أدري ما ميزة قائد حزبيّ عن عضو عاديّ؟
نعم، لدينا حزبيون ركبوا الساحة دون أن ينطقوا بكلمة واحدة! لم أقرأ مقالة لباحث، أو مفكر حزبي. والحزبيون ما زالوا يتفاخرون بمناصبهم السابقة والحالية، وغالبًا ما يعرّف الحزبي بوظيفته،لا بنضاله. أما الأحزاب، فتعرف بفكرها؛ ولذلك يعرّف علماء الاجتماع الحزب بأنه: مجموعة القيم والسلوكات والأخلاقيات التي تجمع بين مجموعات من الأفراد، وليس مجموعات من الأفراد الذين يجمعهم تنظيم ما! وبهذا المعنى، نهض الحزبيون وخاصة القادة، ونامت الحزبية وغابت الأحزاب!!
قد يقال: لماذا هذا العداء للحزبيين؟ الجواب: من حقنا أن نهتم بحكّام أبنائنا، وأن لا نسلّمهم لمجموعات أو أفراد تم اختيارهم حكّامًا علينا، وعليهم تحت شعار ديموقراطي!
وأسأل؛ هل من أحد أخذ هذه اللعبة عن جدّ؟ أفهم أن حزبًا رفع مبدأ الدين، أو الدولة المدنية، أو الديموقراطية الاجتماعي، أو حتى الديموقراطية التي لن تحدُث، لكن لا أفهم من لا يريدون شيئًا غير ما وُعِدوا به من كواثر الدولة!!