الشاهد - في الضواحي المقفرة لبلدة قريبة من خط الجبهة في منطقة باخموت بشرق أوكرانيا، يركع جندي أوكراني واضعاً إصبعه على الزناد، متأهباً لإطلاق النار.
ويؤكد قائده الضابط الملقب "فايروس" وهو يراقب شارعا سكنيا تغطيه الثلوج "يريد الروس السيطرة على هذا الطريق".
وراء جدران حديقة، تنبح كلاب في حين يسمع دوي أسلحة خفيفة في البعيد يتقاطع مع أصداء القصف المدفعي.
تحل الجمعة الذكرى الأولى للحرب الروسية في أوكرانيا ويتوقع كثيرون تكثيفا للمعارك بهذه المناسبة.
لكن "فايروس" الذي نُشرت وحدته "ويتشر" في منطقة دونيتسك حيث تدور معارك كثيفة في شرق أوكرانيا، يؤكد أن حدة الهجمات الروسية لم تضعف يوما.
على امتداد خط الجبهة لا سيما في مدينة باخموت، تمارس القوات الروسية ضغطا متواصلا على الجيش الأوكراني، على ما يضيف، مؤكدا رغم ذلك أن الخطوط الأوكرانية صامدة وجنوده مستعدون لمواجهة أي تصعيد في النزاع.
ويقول قبل أن يتوارى في الضباب أملا في رصد قوات معادية "لم يتغير الوضع بالنسبة لوحدتنا (..) البعض يتحدث عن هجوم جديد لكن الروس يهاجمون كل يوم".
"مطحنة لحم"
بعد تردد حلفاء كييف مدة أسابيع خشية حصول تصعيد في النزاع، باتت دبابات جديدة غربية الصنع في طريقها إلى أوكرانيا.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي زاد على قائمة العتاد الضروري، طائرات مطاردة لطرد القوات الروسية من الأراضي التي تحتلها، ما دفع الحلفاء مجددا إلى درس الموضوع.
لا يفتقر "فايروس" للعتاد اللازم على ما يبدو، فهو مجهز بكاميرا منصوبة على خوذته ورشاش من طراز "إيه آر-15" وبزة عسكرية تقيه من البرد القارس والمطر.
لكنه يقر بأن "تكنولوجيا الطيران" ستساعدهم على الأرض في مواجهة الضربات الجوية الروسية ولجم دفق هجمات القوات المعادية "الكبير".
ودرس الجيش الأوكراني عن كثب الاستراتيجية الروسية ولاسيما الاستعانة بمجموعة فاغنر المسلحة للمرتزقة في باخموت وتعزيزها بسجناء لا خبرة عسكرية لهم.
وجراء الخسائر الكبيرة المسجلة في باخموت التي تشهد معركة طاحنة منذ بداية الحرب، أطلقت على المدينة لقب "مطحنة اللحم".
يقول "فايروس" إن روسيا تلجأ إلى وسائل شبيهة في مناطق أخرى على الجبهة بإرسالها خمس مجموعات من عشرة رجال بشكل متتال وسريع لمهاجمة القوات الأوكرانية.
ويوضح أن الجنود الأوكرانيين يصدون الموجات الأولى "لكن ما أن تصل الموجة الخامسة يستولون على خنادقنا لأننا نفتقر إلى الوقت لتلقيم أسلحتنا ولأننا ليس لدينا الوقت لقتلهم".
ويؤكد "لا يأبهون لأرواح جنودهم".
منزل كمقر عام
أقام جنود وحدة "ويتشر" مقرهم العام في منزل صغير مهجور كان يعيش فيه على الأرجح شخص مسن، ويكتفون بما تيسر لهم من طعام كالبسكويت والسكاكر.
في غرفة يغطي جدرانها ورق مطبع بالزهور، تحتل الأرض صناديق ذخيرة وعلى مسافة قريبة أسلحة شبه آلية.
بعد سنة تقريبا على بدء الحرب، يؤكد "فايروس" وعناصر وحدته أن معنويات الجنود الأوكرانيين لا تزال مرتفعة رغم أن الأمل بانتهاء النزاع قريبا، ضئيل جدا.
يقول أحد عناصر الوحدة الملقب "سبايدر" وهو مكلف تشغيل جهاز اللاسلكي إنه مستعد لأي شيء من أجل صد القوات الروسية خارج أوكرانيا وإحلال السلام.
ويؤكد "إذا احتاجوا إليّ لاستخدام سلاح رشاش، سأفعل ذلك. إذا احتاجوا إلى تشغيل منظومة مضادة الدروع، سأفعل ذلك أيضا".
أ ف ب