الشاهد - - هناك العديد من الطرق لوصف تدمير الكوكب ونهاية حياة البشر عليه بالشكل الذي نعرفه؛ إذ غالباً ما نسمع عبارات مثل "نهاية العالم"، و"يوم القيامة" و"نهاية الحياة على الأرض" أو "فناء الإنسان".
ومع ذلك، ولحسن الحظ لنا جميعاً، فإن هذه المصطلحات والعبارات المرتبطة بنهاية الحياة البشرية، تفوق بكثير عدد المرات الفعلية التي واجه فيها الإنسان تهديد الإبادة التامة لحياته على الكوكب.
مع أخذ كل الأمور في الاعتبار، نستعرض في هذا التقرير أمثلة على المناسبات المختلفة عبر التاريخ، التي كان من المفترض للحياة أن تنتهي فيها.
1- نهاية العالم بعد الحملات الصليبية عام 1284
بعدما توسّع نطاق الحروب الصليبية، شن البابا إنوسنت حروباً بلا كلل لاستعادة الأراضي المقدسة. وقبل وفاته عام 1216، تنبأ إنوسنت بموعد قال إنه من المقرر أن يظهر فيه المسيح عيسى بن مريم من جديد، وربط الأمر بشكل أساسي بانتصارات المسلمين.
حتى إن رجل الدين المسيحي ربط الشعبية المتزايدة للإسلام على أنها عهد المسيح الدجال، معتقداً أن الظهور الثاني له بات وشيكاً.
وحينها تنبّأ البابا إنوسنت بأن العالم سينتهي بعد 666 عاماً من ولادة الإسلام، وذلك في العام 618 هجرياً، بينما تنبأ بالمجيء والظهور الثاني للمسيح المنذر بنهاية العالم عام 1284.
بالطبع، لم يحدث أي من تلك التنبؤات، بالرغم من الاعتقاد الواسع بصدقها في ذلك الوقت، بسبب تقديس إنوسنت وفتاواه، ولكن بعد سبع سنوات من الموعد المحدد سقطت آخر سلطة صليبية، عندما فتح السلطان الأشرف خليل بن قلاوون مدينة عكا، ومع ذلك بقي باقي العالم على حاله.
2- التنبؤ بالفيضان العظيم ونهاية العالم عام 1524
في عام 1499، توقع عالم الفلك والرياضيات الألماني، السير يوهانس ستوفلر، أنه في 20 فبراير/شباط عام 1524، سيغرق العالم تحت الماء بعد حدوث فيضان كبير.
حيث استندت حساباته إلى العديد من اقترانات الكواكب في العلامة المائية للحوت وعلوم الأبراج غير المأخوذ بها حالياً، والتي قال إنه من المقرر أن تحدث خلال عام 1524.
وبالفعل، تم نشر أكثر من 100 كتيب مختلف في جميع أنحاء أوروبا لترويج توقعات ستوفلر، وتحذير البشر منها، حيث أعقب ذلك حالة من الذعر، واستفادت أعمال بناء القوارب من رأس مال يموله الخوف والذعر.
حتى إن أحد النبلاء الألمان، ويُدعى الكونت فون إيغلهايم، أمر ببناء سفينة من ثلاثة طوابق على نهر الراين، للنجاة من الفيضان الكبير وإنقاذ البشر.
ومع بدء هطول أمطار خفيفة في يوم القيامة المفترض، اندلعت أعمال شغب بجوار السفينة التي حملت اسم (IggleHeim)، حيث كان الناس يتدافعون للصعود على متنها للنجاة بحياتهم.
كما تسبب الحادث والذعر الذي اندلع تزامناً مع حلول "اليوم الموعود"، في حدوث وفيات متعددة، بما في ذلك الكونت، الذي تم رجمه حتى الموت.
لحسن حظ بقية العالم، لم يكن المطر الخفيف أكثر من مجرد طقس سيئ في اليوم الموعود. وقد أعاد ستوفلر لاحقاً حساب تنبؤاته إلى عام 1528، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت سمعته قد أصبحت في الحضيض ولم يعد يصدقه أحد.
3- سماء "نيو إنغلاند" السوداء ويوم القيامة الوشيك
في التاسعة من صباح يوم 19 مايو/أيار عام 1780، كانت السماء فوق نيو إنغلاند، وهي منطقة كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية قبل إعلان الدولة، وتضم نيويورك وتورونتو وغيرها، يلفها الظلام الدامس.
وذكر مقال عام 1881 في مجلة Harper's Magazine أن "الطيور اختفت من السماء، وأصوات الديوك توقفت من منتصف النهار حتى منتصف الليل، وكانت الحيوانات مرعوبة بشكل واضح".
يُعتقد أن هذا السواد الذي غمر جزءاً ضخماً من مساحة المستعمرة البريطانية الجديدة يرجع لأسباب غير طبيعية، وأنه كان ناجماً عن دخان حرائق الغابات المصحوب بالضباب الكثيف.
لكن في ذلك الوقت، خاف البعض من حدوث الأسوأ، حيث اندلع ذعر واسع واعتقاد بأن هذا نذير بحلول يوم القيامة.
ومع ذلك انتهى "اليوم المظلم" عند منتصف الليل، عندما أصبحت النجوم مرئية مرة أخرى في سماء الليل.
4- نذير يوم القيامة في الأهرامات المصرية
أشارت طبعة من موقع Encyclopaedia Britannica للتاريخ والتوثيق البريطانية، تعود لعام 1911، إلى أن نبوءة نهاية العالم لعام 1881 كانت حدثاً شهيراً "سبب الانزعاج الأشد في جميع أنحاء الريف الإنجليزي في ذلك العام، حيث هجر الناس منازلهم، وقضوا الليل في الصلاة في الحقول والكنائس"، معتقدين أن نهاية العالم باتت وشيكة.
وجاءت "الأدلة" الداعمة لنهاية العالم عام 1881، من مصدر غير متوقع، وهو الهرم الأكبر في الجيزة.
حيث أصبح تشارلز بيازي سميث، الفلكي الملكي في اسكتلندا، مقتنعاً بأن الهرم لم يُشيد من قبل المصريين، ولكن من قبل بطريرك العهد القديم، بتوجيه من الله. وعلى هذا النحو، رأى سميث أن الآثار اللاهوتية تظهر في كل ثنايا النقوش داخل الهرم الأكبر، بما في ذلك حساب نهاية الأيام.
وخلص بحث سميث في عمود صحفي، نشره بتاريخ 5 يناير/كانون الثاني 1881، في صحيفة نيويورك تايمز، إلى أنه "في المعرض الكبير للهرم هناك بالتحديد 1881 درجة، وبالتالي هذا يشير إلى العام الأخير من الحياة البشرية على الأرض.
وقد استقطبت هذه النبوءة عدداً كبيراً من الناس في ذلك الوقت، باعتبار أن "الهرم الأكبر لا يمكن أن يكذب".
5- فناء البشر بسبب مذنب هالي عام 1910
اكتشف مذنب هالي عالم الفلك الإنجليزي إدموند هالي في منتصف القرن الثامن عشر، إذ كان يمكن رؤية المذنب لفترة قصيرة قريباً جداً من الأرض كل 75-79 سنة.
وفي القرون الماضية، ظهر بالفعل في أعوام 1835 و1910 و1986.
ومع ذلك، في الفترة التي سبقت عام 1910، خرجت الأمور قليلاً عن السيطرة، مع اعتقاد الكثير من الناس حول العالم أن المذنب سيؤدي إلى تدمير الأرض، حيث سيرتطم نسبياً بها، محدثاً الزلازل والفيضانات، أو احتراق الأوكسجين في الغلاف الجوي، ما سيسبب فناء البشر.
نشأت هذه النظرية من اكتشاف أن غازاً ساماً يُسمى السيانوجين، كان موجوداً في ذيل المذنب. وبالفعل كان من المقرر أن يقترب المذنب من الأرض نسبياً عام 1910، ومرور الأرض من خلال ذيله.
دفع هذا عالم الفلك الفرنسي كاميل فلاماريون إلى إعلان أن الغاز السام "سوف يشبع الغلاف الجوي، وربما يقضي على كل أشكال الحياة على هذا الكوكب"، التوقعات التي سببت الهستيريا الجماعية.
وبالفعل، ارتفعت مبيعات الأقنعة الواقية من الغازات في جميع أنحاء العالم، بينما بدأ بعض الانتهازيين في تسويق المظلات المضادة للمذنبات ومنتجات غير فعّالة استغلالاً لحالات الذعر.
ومع ذلك في النهاية، مرت الأرض عبر مذنب هالي دون أي تبعات على الإطلاق.