احتل الأردن المرتبة الأولى عالمياً بحسب منظمة الصحة العالمية في معدل انتشار التدخين بين الرجال حيث وصلت نسبة الرجال المدخنين في الأردن لنحو ٨١٪ باستهلاك سنوي ١٢ مليار سيجارة كما ودقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر حيال انفاق الأردنيين على التدخين حيث وصل الى نحو ٢ مليار دينار موزعاً على ما ينفقونه على السيجارة التقليدية او الالكترونية او النرجيلة (الشيشة)..
اكثر من ٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن يحرق سنوياً من اجل التدخين ومستلزماته وهذه ايضاً من اعلى النسب عالمياً في بلد يعاني أصلاً من ضائقة اقتصادية وتحديات منها المديونية والفقر والبطالة ..
في المقابل تعتمد الحكومة بشكل كبير على العوائد الضريبية المتأتية من الدخان حيث وصلت الإيرادات لنحو ٩٠٠ مليون دينار وهذه تعتبر عائداً مهماً و كبيراً لخزينة الدولة حيث تشكل حصة الحكومة من سعر علبة السجائر حوالي ٨٠٪ ولكن عند النظر لكلفة علاج الامراض المزمنة التي يتسبب بها التدخين بكافة اشكاله من أنواع عديدة من السرطانات وضغط الدم والقلب والشرايين والسكري حيث يدفع الأردن حكومة وشعباً ما مقداره ١،٧ مليار دينار لعلاج تلك الامراض سنوياً واذا بقيت نسب التدخين بهذه الأرقام الضخمة سيزداد الضغط على النظام الصحي وعلى نظام التأمينات وصناديق الضمان الاجتماعي وسيتسبب ذلك في ارهاق ميزانية الافراد والمؤسسات وسيؤثر على صحة المجتمع كاملاً وستنحصر الفائدة لشركات محدودة وسيدفع باقي المجتمع الثمن في الصحة والبيئة والاقتصاد ..
٩ الاف وفاة سنوياً في الأردن نتيجة الامراض التي يتسبب بها التدخين في ظل انتشار واسع للتدخين بين الأطفال والمراهقين والنساء خصوصاً السجائر الالكترونية والنرجيلة بالرغم من توقيع الأردن على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشان مكافحة التبغ عام ٢٠٠٤ وصدور قانون الصحة العامة رقم ٤٧ لسنة٢٠٠٨ والذي ينص على حظر التدخين في الأماكن العامة الا ان الالتزام ضعيف جداً.
علينا جميعاً مسوولية ما يحدث من تدمير لصحتنا واقتصادنا في ظل ظروف نحن احوج ما نكون فيها لضبط الانفاق والترشيد في الاستهلاك ومراجعة كافة السلوكيات التي توثر سلباً على حياتنا جميعا
و على الحكومات ان تعيد النظر في سياساتها تجاه انتشار التدخين بكافة اشكاله ولا تركن لما تحققه تجارة التبغ والدخان من إيرادات وارباح كبيرة للخزينة لأننا سندفع في المقابل اضعاف هذه الأرقام مستقبلاً لعلاج الأجيال القادمة …
منير دية
خبير اقتصادي