بقلم: د. ذوقان عبيدات
بعد كل حدث، يتداول الجميع مصطلح خطاب الفتنة، وخطاب الفتنة مختلف عليه، فهناك من يرى فيلم الحارة خطاب فتنة، وتمثالا ما خطاب فتنة، وهناك من يرى نقد الفيلم والتمثال خطاب فتنة. فالشعب الأردني لم يعد يعرف ما الفتنة، ومن الذي يثيرها! كل ما يسمعه بعد كل حدث أن خطاب الكراهية دخيل على الأردن، وأن الشعب الأردني شعب محبّ ومسالِم، وأن مثيري الكراهية هم فئة قليلة مندسّة، ولا تمثل مجتمعنا النظيف جدّا. وهكذا يبقى المجتمع نظيفًا وخطاب الكراهية مندسّا.
وسيبقى العنف والكراهية على ما هو. بعد كل حدث فني أو تقدمي أو حتى ديني وأخلاقي تبدأ الغزوات والاعتراضات، ويقيم حاملو خطاب الكراهية الحدود الضيقة متسلحين بشرعيات غير القانون، ويؤزمون المجتمع الذي يقبل خطابهم بارتياح كامل، فقد اختطفوه منذ الصحوة، وصار حليفًا لهم. وبذلك صار خطاب الكراهية ليس خطابًا مندسّا، بل مجتمعيٌّ بامتياز، ولم يعد من المفيد القول بالمندسّين والفئة القليلة، هذه الفئة"غير القليلة" تتحكم بنا وبحريّة التعبير، وبحريّة الفكر، والفن والأدب، والمناهج، وحركة المجتمع وتقدمه، بينما
بقيت الدولة تجامل هذا الخطاب، وربما تخافه!
من يثور ضد فيلم أو قصيدة، أو تمثال، أو رواية لا يمكن عدُّه حمامة سلام حاملة للأخلاق! هذا مفهومي لخطاب الكراهية والفتنة. هناك من يعتقد وجود دواعش بين حاملي خطاب الكراهية وأعدائهم. وبذلك يتساوى طرفا المعادلة وتخلص الحكومة من العذر. أخطر ما في الموضوع أن الحكومة قد تنحاز إلى حاملي خطاب الكراهية حبّا، أو غير ذلك!!