محمد الطراونة
مؤلم ومحزن جدأ، وموجع للقلب ذلك المشهد الذي ودعت فيه الأم المكلومة المؤمنة الصابرة النقية، ابنها الشهيد الدكتور عبد الرزاق الدلابيح وموجع ومحزن أكثر دموع ابنه محمد التي انهمرت، ولامست نعش والده، بأي ذنب اُزهق دم الشهيد البطل، بأي ذنب وقعت الفجعة، اوجعت قلب أمه، وقلوبنا جميعاً، ورملت زوجته، وتركت أبناءه يتامى، لا يوجد في قاموسنا في الدين والتربية والأخلاق الأردنية، مفهوم ومشهد القتل والتخريب والتدمير، إنها رصاصة غادرة، حولت اتجاه الرياح من المطالبة السلمية بالحقوق المشروعة، الى مشهد من القتل والدمار والتخريب، مشهد لم يتعود عليه الأردنيون المعروفون بقيم التضامن والتكافل والتعاون والشعور الصادق المشترك مع بعضنا البعض، كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، أين هؤلاء الحاقدين، الذين دخلوا على خط الاحتجاحات، السلمية من مبادئ ديننا الحنيف، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، إنهم استباحوا كل ذلك بدون أخلاق ومخافة من الله.
نحن اليوم أشد ما نكون حاجة لرأي الحكماء والعقلاء لاطفاء واخماد الحرائق، التي دمرت مقومات ومقدرات الوطن وألحقت الضرر في ممتلكات المواطنين، وهددت أرواحهم. التعبير السلمي مصانُ وحقُ دستوري ضمن قواعد القانون، وعدم الإيذاء، وعدم التدمير والتخريب، لكن لا نريد أن يكون هذا الحق مدخلاً لمرضى وضعاف النفوس للتعبير عن حقدهم الدفين على الوطن وانجازاتك، ولا نريد أن يكون هذا الحق مسرحاً لتصفية حسابات أصحاب الأجندة، وتجار التهريب والمخدرات، نريد وقفة عقلانية هادئة من ابناء الوطن، فلا نريد أن نعطي العابثين والمخربين والخارجين على القانون فرصة لتنفيذ رغباتهم الحاقدك ضد الوطن، وأن يستغلوا طيبة وحسن نوايا المطالبين بالحقوق، لتكون خسارة الوطن أكبر وأغلى، من كل شيء.
حرام أن يكون العبث سهلاً في دماء الأردنيين من فئه حاقدة تزهق الأرواح، التي حرم الدين قتلها واعتبر أن هدم جدار الكعبة حجراً حجراً، أهون عند الله من إراقة قطرة دم مسلم، ومن هو الضحية يا ترى، إنه ابن الوطن الذي يسهر الليل الطويل، حتى ننام بهدوء وأمان إنه الشهيد العقيد عبد الرزاق الدلابيح، الذي كان يعمل على إزالة العوائق أمام حركة المواطنين لتسهيل شؤون البلاد والعباد، وحتى يصل كل منا إلى وجهته سعياً وراء رزقه، لتأتي رصاصة غادرة تخترق راس الشهيد البطل، الذي واصل الليل بالنهار، مع زملائه لحماية المعبرين عن ارائهم ومطالبهم، بالطرق السلمية، والحماية الاقتصاد الوطني من الضرر، قبل أن يستغل البعض هذه الحالة، ويُحول الاحتجاج السلمي إلى مشهد من القتل والتدمير طالت مقدرات الوطن، التي بنيت بتعب وعرق أبنائه ودمرت ممتلكات المواطنين، التي تم إنجازها بالتعب والسهر وتحمل الاعباء المالية.
لمصلحة من يجري كل ذلك، إنه لمصلحة أعداء الوطن والمتربصين به والحاقدين عليه، لا أحد ينكر حق الناس في التعبير عن ارائهم، فهو حق مصان دستورياً، لكن نرفض بشدة أن يتحول هذا الحق، من البعض الى ساحة معركة ضد الوطن، وضد الدولة، من بعض الحاقدين ويُرفع السلاح في وجه أبناء الوطن المخلصين المدافعين عن ترابه وأمنه واستقراره داخلياً وخارجياً نحن أحوج من نكون إلى وقفة وطنية، هدفها المحافظة على الوطن وممتلكاته ومقدراته ومنجزاته والحماية، أرواح ودماء الأردنيين وهي أغلى ما يملك الوطن، التحية والتقدير الى حماة الديار من قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية والمخابرات العامة، وإلى المخلصين على مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، العزاء كل العزاء لقائد الوطن وأبناء الوطن عامة وإلى قبيلة بني حسن وآل الدلابيح ورفاق الشهيد البطل في السلاح، رحم الله شهيد الوطن شهيد الشرف وأسكنه فسيح جناته.
(الراي)