فارس الحباشنة
في اللجوء السوري، المجتمع الدولي افلس اخلاقيا وانسانيا.
و الاردن ولبنان كدول مستضيفة للاجئين السوريين تركا وحيدتين وفي عين العاصفة، وتحملتا عبء اللجوء وحدهما، وفي الواقع الدولتان تواجهان ازمة اقتصادية خانقة
و لا تقويا على تحمل مزيد من اعباء اللجوء الاقتصادية والسياسية، وأمنيا.
لبنانيا بدأ لاجئون سوريون بالعودة الى ديارهم، ومهدت السلطة السورية ارضية آمنة وسهلة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية لعودة اللاجئيين السوريين.
وأردنيا من خطط لملف اللاجئين السوريين اقرب ما يكون ثبت من بداية ازمة اللجوء خيار عدم العودة، والاردن اقام مدنا مؤقتة للاجئين السوريين في المفرق والرمثا.
و الزعتري ليس مخيما في التوصيف العمراني والتنظيمي، إنه مدينة..بنى تحتية وشوارع وماء وكهرباء واعاشة ومدارس ومستشفى، ومقار لمنظمات رسمية ودولية، وبيوت من طوب واسمنت.
خارج مخميات اللجوء السوري في المفرق والرمثا يقيم على الاراضي الأردنية مئات الاف من السوريين، واقامتهم على الاراضي الاردنية بصفة لاجئ، ويشاركون اشقاءهم الاردنيين الخدمة والماء والكهرباء والبنى التحتية، ويتقاسمون معهم التجارة وفرص العمل والتشغيل.
لبنان رفض اقامة مخيمات للسوريين لاسباب سياسية بحتة.. وخشى لبنان من ان لا تكون المخميات مؤقتة، وان تتحول الى مخيمات دائمة على غرار المخيمات الفلسطينية.
الزعتري في الاردن مدينة مؤقتة، ومع مرور الوقت، واذا ما خلصت الازمة السورية لحل وتسوية سياسية، وعاد اللاجئون السوريون الى ديارهم، فان الزعتري سيتحول الى ملف سياسي ضاغط على الاردن، وقد يذهب الى ما هو ابعد بالاعتراف بمواطنة اللاجئين السوريين.
وفي رواية وسردية الدول والمنظمات الدولية الغربية المانحة والراعية للاجئين السوريين وغيرهم تروج لمفردات داعمة ومساندة لتمكين حقوق اللاجئين السياسية، وتنذر خطرا بان عودة اللاجئين مستحيلة ومستبعدة في المدى الزمني القريب والبعيد.
لربما ان الاردن غير قادر على تحمل اي زائد سكاني وبشري جديد.. الاردن تحمل كثيرا من اعباء اللجوء، وتحول الى مستودع بشري لا ينفد.. وتعداد اللاجئين في الاردن يفوق السكان الاصليين بحسب احصاءات دولية.
ملف اللجوء للسوري مسكوت عنه اردنيا، ولا يثار الا لجلب مساعدات ومعونات دولية، ولاستعطاف المجتمع الدولي، وفي حين لم يطرق سياسي رسمي اردني الملف من جوانب سياسية وطنية امام العالم والمجتمع الدولي.
فلماذا لا يعود اللاجئون السوريون الى ديارهم ؟ موارد الاردن نفدت، والاردن يواجه اليوم اقسى ازمة اقتصادية، وشحا غير مسبوق بالمياه والكهرباء، والطاقة، والبنى التحتية، المدارس والمستشفيات والنقل العام والطرق متردية ومتهالكة.
الاردنيون الاصليون غير قادرين على الحياة والعيش الكريم، وتحولوا الى فقراء وغادروا مربع اليسر والستر المعيشي، فما بالكم تحمل مزيد من اعباء اللجوء !
في سورية الحرب انتهت، وعادت الحياة الى 90 % من الجغرافيا السورية، وحكومة دمشق بسطت سيادتها على الاراضي السورية، والدعوة لعودة اللاجئين يجدد طرحها سوريا وروسيا، والاخيرة دولة راعية وضامنة سياسيا وامنيا لعودة آمنة للسوريين.
الفرصة مواتية الى عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم، والفرصة مواتية دوليا لطرحها والتسريع اردنيا في تنفيذها وتوفير بيئتها، والعالم اليوم مشغول ومنغمس بأزمة الحرب الاوكرانية / الروسية، وما خلفت من تبعات في ملف الطاقة والامن الغذائي، واللجوء الاوكراني في اوروبا.
اللجوء السوري اثر على النسيج الاجتماعي، والهوية الاجتماعية الاردنية اليوم في خطر ومشطورة.. بقاء السوريين في الاردن يزيد من اثارة مخاوف سياسية مستقبلية، ويا خوفي نسمع يوما نغمة : ودنا حقوقنا، ونسمع نغمات سياسية لحقوق منقوصة، وهذا ليس غريبا ولا مستبعدا..
العالم انفق ودفع مليارات لصناعة الحرب السورية ودمر بلادا وشرد شعبا، واليوم يقف متفرجا وينسى الازمة السورية، و لا يمد يد العون والاغاثة لجياع الحرب السورية ومشرديها في الاردن ودول العالم.
ومن يعول على المجتمع الدولي فلا ينتظر خيرا ابدا، ولا حلا للازمة السورية.. نفذ صبر الاردنيون، وما عادوا يحتملون، الاردنيون اليوم يعتصمون من اجل لقمة الخبز وعيش كريم، والاردنيون في طوابير البطالة والعاطلين عن العمل، واي فرصة عمل يخلقها الاقتصاد بسرعة البرق يختفطها لاجئ سوري أو عربي.