المهندس عادل بصبوص
لم يتم تحويل راتبي التقاعدي من نقابة المهندسين في موعده المحدد هذا الشهر ... مبلغ لا يتجاوز المئتي دينار إلا بقليل ... ظننت أن الموضوع يتعلق بي شخصياً وأن مشكلة اجرائية قد تكون هي السبب فاتصلت هاتفياً بالنقابة ليأتيني الرد من صندوق التقاعد ... الراتب ما تحول لأنه ما في سيولة ... لما يصير في سيولة بنحوله على الحساب ...
هكذا اذن وبكل بساطة يتم تأجيل وربما وقف رواتب المهندسين المتقاعدين دون اشعار مسبق ... أليس من الممكن بل من المؤكد أن رواتب الكثيرين منهم مخصصة لسداد التزام معين ... كيف يجوز ايقاف هذه الرواتب بشكل مفاجئ بشكل يلحق الضرر والأذى بعائلات فيها أيتام وأرامل تساعدهم هذه الرواتب على ضآلتها في مواجهة ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة ... ألم يكن من المناسب أن يقوم نقيب المهندسين أو أي من مسؤوليها بالخروج بتصريح يعلن فيه عن الملابسات التي تتصل بهذا الموضوع ويقدم التوضيحات اللازمة عن ذلك قبل أن تستنطقهم الصحافة فيردوا بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ...
لم تهبط هذه الكارثة على النقابة فجأة ودون سابق انذار فعلى مدة السنوات الماضية كنا نسمع تصريحات لولاة أمرنا في النقابة عن الدراسات الاكتوارية المتتالية التي كان يتم اجراؤها تباعاً من قبل شركات ومكاتب متخصصة ليس لأن صندوق التقاعد على شفا الإفلاس وانما لإزاحة نقطة التعادل بعيداً سنوات وسنوات... لم يكن يخطر على بال أكثر المتشائمين إن الإفلاس على مرمى حجر فقط وأننا سنعيش قريباً المرحلة التي يعجز الصندوق فيها عن صرف الرواتب التقاعدية لأسر في أمس الحاجة إليها ....
إن الحالة التي وصل اليها صندوق التقاعد تعكس ذروة الفشل لكافة مجالس النقابة المتتابعة بما في ذلك المجلس الحالي الذي يهيمن عليه التيار الذي حمل شعار الإصلاح والذي استلم سدة المسؤولية منذ أكثر من ثلاث سنوات ... مهما كانت الشروحات ومهما كانت التبريرات فقد فشل الجميع في المحافظة على أبسط منجز نقابي وهو صندوق التقاعد ... اذا كنتم لا تستطيعون توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل من المهندسين ولا تستطيعون ضبط سوق الخدمات الهندسية بشكل كامل فالأولى المحافظة على صندوق التقاعد الذي يوفر رواتب تقاعدية حتى لو كانت بسيطة للمحتاجين إليها ... فليس كل المهندسين ممن تجاوزوا سن التقاعد أصحاب شركات أو مكاتب هندسية .... فهناك الكثيرون ممن يتقاعدون دون وجود عمل أو مصدر رزق بديل خاصة في ظل ظروف السوق المتخم بالمهندسين والذي يعاني من معدلات بطالة مرتفعة ... ناهيك عن أسر فقدت معيليها وأربابها من المهندسين ...
لا تعنينا نقابة المهندسين بعد اليوم ... ولا تهمنا إطلالات مسؤوليها الاعلامية للحديث عن القضايا المصيرية والهامة بدءاً من الاحتباس الحراري مروراً بمرض جنون البقر وصراع الشمال والجنوب والحد من الأسلحة النووية وحقوق المهاجرين وانتهاءً بالمحافظة على الحيوانات النادرة من الانقراض ...
قد نفهم أو نتفهم عجزكم عن حماية صندوق التقاعد من السقوط في الهاوية ... لكننا لا نستطيع فهم أو استيعاب بقائكم في مناصبكم بعد هذه الكارثة وغياب الشجاعة الأدبية والشعور بالمسؤولية إن لم يكن المباشرة فالأدبية والمعنوية ... وتقديم استقالاتكم الجماعية فوراً ودون إبطاء ...