على وقع كلمات "يا أصدقائي نحن نحلم مجددًا، أريد الفوز بها للمرة الثالثة" التي رددتها الجماهير الأرجنتينية من بداية المباراة حتى نهايتها في أجواء خيالية، تجنب ليونيل ميسي ورفاقه نهاية هذا الحلم وبلغوا الدور نصف النهائي لمونديال قطر 2022 لكرة القدم بفوز دراماتيكي بركلات الترجيح على هولندا بعد سيناريو جنوني في الوقت الأصلي.
بدا "ألبيسيليستي" في طريقة إلى العبور في الوقت الأصلي بعد أن تقدّم 2-0 عبر ناهويل مولينا (35) بتمريرة حاسمة سحرية من ميسي، وأضاف الأخير الثاني من ركلة جزاء (73).
إلا أن البديل فاوت فيخهورست قلّص الفارق في الدقيقة 83 قبل أن يسجل هدف التعادل في الدقيقة الحادية عشرة من الوقت بدل الضائع (90+11)، ويلجأ الفريقان إلى شوطين إضافيين ومن ثم ركلات ترجيح تألق فيها الحارس إيميليانو مارتينيس بصده كرتين.
وضربت الأرجنتين موعدًا في نصف النهائي مع كرواتيا الثلاثاء على المعلب ذاته بعد أن أقصت البرازيل بركلات الترجيح 4-2 بعد تعادلهما 1-1.
وفشلت بالتالي هولندا العائدة إلى النهائيات بعد غيابها عن روسيا 2018، في الثأر من ميسي ورفاقه الذين أقصوهم من الدور نصف النهائي لمونديال البرازيل 2014 بركلات الترجيح عندما قادها حينها أيضًا المدرب الحالي لويس فان خال.
وتبحث الأرجنتين عن لقب ثالث بعد 1978 و1986 عندما حققت الأخير بقيادة الأسطورة دييغو مارادونا.
قال ميسي بعد الفوز "لقد عانينا ولكن هذا ربع النهائي ووصلنا إلى دور الأربعة وهذا جميل ورائع، نحن بين أفضل أربعة منتخبات في البطولة، لأننا أظهرنا مباراة بعد مباراة أننا نعرف كيف نلعب كل مباراة بنفس الكثافة والرغبة في القتال والتركيز، نركض جميعا على الرغم من المعاناة والتعب ونفعل ذلك من أجل كل هؤلاء الناس الذين يرافقوننا هنا".
وعادل ميسي رقم غابريال باتيستوتا كأكثر اللاعبين الأرجنتينيين تسجيلا للأهداف في نهائيات كأس العالم، بهدفه العاشر، علمًا أنه الرابع في قطر.
وباتت الأرجنتين أكثر منتخب تحقيقًا للانتصارات بركلات الترجيح في نهائيات كأس العالم (5 من أصل 6)، مما سيشكل مسألة مثيرة أمام كرواتيا التي باتت بدورها متخصصة في ركلات الترجيح بعد أن حققت ذلك مرتين في روسيا 2018 ومثلهما حتى الآن في قطر.
الجمهور مع الأرجنتين
وبقيت الأرجنتين الطرف الوحيد من أميركا الجنوبية في قطر والوحيدة من خارج أوروبا إلى جانب المغرب، مفاجأة البطولة، في مسعاها لإعادة اللقب إلى قارتها للمرة الأولى منذ البرازيل 2002.
ورغم أن مواجهة برازيلية-أرجنتينية كانت مرتقبة في نصف النهائي نظرًا لما تحمله من معانٍ بين غريمي أميركا الجنوبية، إلا أن الأرجنتينيين لم يخفوا فرحتهم بخروج "سيليساو"، إذ علت أصوات المشجعين المتواجدين في استاد لوسيل احتفالا بخروج البرازيل فور معرفتهم بالنتيجة قبل قرابة الساعة من انطلاق المباراة.
وسط اجتياح واضح للجماهير الزرقاء والبيضاء على حساب البرتقالية، لم تشهد الدقائق العشرون الأولى أية فرصة خطيرة تذكر إلى حين كسرت الأرجنتين الجمود بلحظة سحرية من ميسي عندما راوغ على مشارف المنطقة ومرر كرة خاطفة رائعة بين المدافعين إلى مولينا الذي تابعها زاحفة في الشباك (35).
أسهم الهدف في دخول "ألبيسيليستي" أكثر في أجواء اللقاء ووصلت الكرة إلى ميسي داخل المنطقة وظهره للمرمى وسط رقابة دفاعية لاصقة، نجح في الحفاظ عليها قبل أن يلتف حول نفسه ويسددها لكنها كانت سهلة بين يدي الحارس (40).
وأجرى فان خال تغييرين مع انطلاق الشوط الثاني ودفع بتون كوبماينرس وستيفن بيرخهوس بدلا من مارتن دي رون وستيفن بيرخفين، ومن ثم بالمهاجم لوك دي يونغ بدلا من دالي بليند بحثًا عن هدف التعادل، إلا أن مراده جاء معاكسًا.
ثنائية جنونية
تحصل ماركوس أكونيا على ركلة جزاء إثر عرقلة من دنزل دامفريس على مشارف المنطقة ترجمها ميسي إلى يسار الحارس مسجلا هدفه الرابع في قطر (73).
وبعد خمس دقائق من نزوله، سجل فيخهورست هدف تقليص الفارق من رأسية جميلة إثر عرضية من بيرخهوس عن الجهة اليمنى (83).
وشهدت الدقائق الأخيرة من المباراة وسط محاولات هولندية لمعادلة النتيجة تشنجات وتدخل البديل لياندرو باريديس بخشونة على نايثن أكيه، قبل أن يركل الكرة باتجاه دكة بدلاء الهولنديين مما أدى إلى خروج اللاعبين نحوه غضبًا (89).
كما اقتحم مشجع أرض الملعب قبل أن يخرجه رجال الأمن.
وتحصلت هولندا على ركلة حرة على مشارف المنطقة إثر خطأ من باريديس نفذتها بذكاء مطلق. بدلا أن يسدد مباشرة، مرر تون كوبماينرس كرة زاحفة في الوسط إلى فيخهورست الذي تابعها من مسافة قريبة وسط فرحة جنونية للـ"طواحين" (90+11).
وبعد شوط إضافي أول لم يشكل فيه الفريقان أية خطورة، شهدت الدقائق الستة الأخيرة من الثاني إثارة لا توصف. إذ كاد البديل لاوتارو مارتينيس أن يمنح الأرجنتين الفوز بعدما سدد كرة قوية من داخل المنطقة ارتطمت بفيرجيل فان دايك نحو ركنية (114)، قبل أن ترتد تسديدة إنسو فرنانديس من الدفاع وتتحول إلى ركنية أخرى (116).
ومن مرتدة، أتيحت فرصة أخرى للاوتارو الذي سدد كرة قوية تصدى لها الحارس (119) قبل أن يمنع القائم فرنانديس من هدف الفوز (120) ليلجأ المنتخبان إلى ركلات الترجيح.
هجوم على الحكم
ولم يسلم الحكم الإسباني ميغل أنتونيو ماتيو من انتقادات الأرجنتينيين، إذ قال ميسي "يجب أن نقول إن الحكم لا يمكن الحديث إليه ونكون صريحين في حديثنا معه، ولكن الناس شاهدوا ما حصل، وقبل المباراة كنا متخوفين لأننا كنا نعرف ما سيحدث، و(الاتحاد الدولي) فيفا يجب أن يهتم بهذا ولا يجب تعيين حكم مثله لقيادة مباراة من هذه الأهمية، الحكم يجب أن لا يكون في المستوى".
أما الحارس مارتينيس فقال "كانت مباراة خادعة وصعبة وحسب ما أظن سيطرنا عليها وتقدمنا بهدفين ولكن رأينا أنهم عادوا بكرة رأسية... بعد ذلك انقلبت كل المقاييس والحكم كان يمنحهم كل الركلات خلال 10 دقائق، فسجلوا من ركلة حرة... لا نريد رؤية هذا الحكم مجدداً".
وتابع "سمعت فان خال يقول إن لديه أفضلية في ركلات الترجيح وسوف نفوز. أظن أنه يجب ألاّ يتحدث كثيراً".
أ ف ب