د. ذوقان عبيدات
مصادر العنف:
إعلام رياضي أم حربي!
من يستمع إلى تعليق المذيع الذي ينقل المباراة يحتار: هل هو يتحدث عن مباراة أم معركة! فالمفردات: الخصم، الثأر، الانتصار والهزيمة، رد الاعتبار، علم الوطن، والخطط الاستراتيجية والتكتيكية،و
المعركة لم تنته بعد،الهدف القاتل ،ضعف الدفاع، اختراق حصون الخصم! الوقت القاتل.
الكرت الأحمر والطرد وهكذا لا تسمع كلمات مثل الحوار بالكرة.
وتبادل الرسائل وصناعة الجمال
والالتزام بالروح الرياضية وغيرها:
قلت مرة في مقالة، إن لاعب كرة السلة مثلًا يتعلم من اللعبة
كيف ينظر إلى هدفٍ عالٍ وكيف يرتقي بعقله وجسمه ليلامس الهدف! يتعلم أن يلعب في ملعب نظيف وجميل، وكيف ينهي واجبه في وقت محدد وإلّا سُحبت منه الكرة، يتعلم أن ارتكاب خمسة أخطاء كافية لترك الملعب،
ويتعلم أن يكون في كل مكان في الملعب، ويدرك أنه محاط بعددٍ من الحكام يراقبون كل حركاته،
قريب جدًا من جمهور مؤيدٍ وجمهور معارض بما يسمح له
من الإحساس بمشاعر الجميع…
وهكذا فلن يكون وضع الكرة في داخل حلقة حديدية هو الهدف
إطلاقًا! نحن بحاجة إلى شرح الهدف للاعب والجمهور، وما هو أجمل وأعمق من تسجيل الهدف
هو أن نعرف: كيف ومتى وأين،
وفي تراثنا:
نعُفُّ عند المغنم، ولا نزيد آلام الطرف "الذي لم يسجل أهدافًا أكثر"! لاحظ أنني لم أستخدم كلمة مهزوم!! فنحن لسنا في معركة!
الإعلام الرياضي مطالب بأن يجد
معانيَ جديدةً للفوز والخسارة ،
ولمعاني قيم : الأقوى والأعلى والأسرع! قد لا يحق لي اقتراح ذلك، لأن قناصي الرياضة وإعلاميوها سيرفعون الكرت الأحمر بوجهي تحت شعار: اتركوا الرياضة للرياضيين ،!! أنا أقول الرياضة نشاط تربوي مجتمعي وطني، ومن هذا الباب أقترح:
أن نقرأ أهداف اللجنة الأولمبية وقيمها كما يأتي:
-الأعلى : لا تعني بالضرورة أمتارًا وسنتميترات بمقدار ما تعني السُمّو الأخلاقي والرفعة.
٢-الأسرع: لا تعني أجزاء الثانية وحلب النملة بمقدار ما تعني سرعة الاستجابة لدعم فريقك، والمرونة وسرعة الاستجابة لإمتاع الجمهور!
٣-الأقوى: لا تعني قوة العضلات
بمقدار ما تعني الذوق والسحر الجمالي، وأسر الجمهور،والدقة، والعمل المشترك.
نحتاج لمعرفة معاني َ جديدة للفوز، ونحتاج إلى كرت أبيض للحفز وكرت أخضر للاعب الأخلاقي وليس مجرد كرتي الإنذار والطرد!
نعم الإعلام الرياضي هو من مصادر العنف، وربما كان ذلك أن غالبية العاملين فيه يحتاجون إعدادًا تربويًا وقيميًّا. وهذا ليس عيبًا! إنها قد تكون مشكلة الإعلاميين الرياضيين في العالم،
فاللاعب القديم الناجح ليس بالضرورة إعلاميٌ ناجح!
أعجبني قول بلال جيوسي:
في مؤتمر العنف الرياضي سنة ٢٠٠٠:
بدل أن نقول هزمناهم بهدفين أو مزقنا شباكهم مرتين، لماذا لا نقول: زرعنا في شباكهم زهرتين!!
هل نعي هدا القول؟