الشاهد - رصد
يحبس لبنان أنفاسه خلال الـ60 يوما المقبلة، في مفترق طرق جديد قد يقود إلى منحنى فراع دستوري يخشاه اللبنانيون أنفسهم.
فاليوم الخميس، بدأت المهلة الدستورية لانتخاب البرلمان، رئيس جديد للجمهورية, لينطلق العد العكسي للشهرين الأخيرين من ولاية الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول المقبل.
لكن ما يُصعب الأمر ويزيد مخاوف البعض من حدوث "فراغ دستوري" هو وجود عدم مرشحين، أو مرشح توافقي واضح لخلافة عون، وفق تقارير إعلامية لبنانية.
وقال رئيس البرلمان نبيه بري الذي يملك مفتاح الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس الجديد، إن "لبنان يمر بأسوأ وأخطر مرحلة عرفها في تاريخه والبعض يقاربها بأسوأ عقلية كيدا ونكدا".
وأضاف في تصريحات صحفية في الساعات الأولى من صباح اليوم "لبنان يدخل اليوم في أول أيام المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية".
وتابع "الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق دستوري سيادي وطني بامتياز فلنجعله مناسبة نقدم فيه مصلحة لبنان على أية مصالح أخرى".
بري أكد أيضا أن " البرلمان الحالي على عاتقه مهمة إنقاذ لبنان"، داعيا إلى تعاون ولقاء كل الأطراف لتذليل كافة العقبات من أجل تشكيل حكومة، وبما يؤدي إلى توافق وطني عام حول استحقاق الانتخابات الرئاسية.
المهلة الدستورية: ونظريا، يستطيع نبيه بري الدعوة إلى جلسة للبرلمان لانتخاب رئيسا جديدا للجمهورية بداية من مطلع أيلول، وفق المهلة الدستورية المحددة قانونا بشهرين قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي.
لكن إذا لم يدع رئيس البرلمان إلى الجلسة، يجتمع مجلس النواب بشكل إلزامي قبل 10 أيام من نهاية ولاية عون.
وإذا لم ينتج عن الاجتماع انتخاب رئيس جديد، تدخل البلاد في فراغ دستوري بداية من 31 تشرين الأول المقبل مع خروج الرئيس الحالي من السلطة.
ووفق مراقبين، لم يسبق للبنان انتخاب رئيس جديد في المدد الدستورية المحددة منذ 1989، وطوال هذه الفترة كانت البلاد تقع في التمديد للرئيس منتهي الولاية، أو الفراغ الدستوري، حتى يتم انتخاب سيد القصر الجديد.
بل إن الرئيس الحالي، عون، جرى انتخابه بعد مخاض صعب وعامين ونصف من الفراغ الرئاسي انتهى بتوافق القوى السياسية حول انتخاب الرئيس.
شغور الرئاسة: وفي حال شغور منصب الرئاسة، نص الدستور اللبناني في مادته الـ62، على أنه "في حال خلو سدة الرئاسة لأية علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء".
لكن الجديد في اللحظة الاستثنائية الراهنة في لبنان، أن شغور منصب الرئاسة إن حدث بعد 31 تشرين الأول، يمكن أن يترافق مع وجود حكومة مستقيلة تسير الأعمال، في حال عدم نجاح الأطراف السياسية في الاتفاق على تشكيلة حكومية، وهو المرجح وفق مراقبين.
ولم يتناول الدستور اللبناني وضعية الشغور الرئاسي في حالة وجود حكومة مستقيلة.
وقبل أيام، قال الرئيس اللبناني إن حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للبلاد ضمن المواعيد الدستورية لأي سبب كان، مشددا على ضرورة تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن.
ورغم ذلك، لم تخرج أخبار أو تصريحات إيجابية بعد اجتماع عون ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، أمس، للتوافق على تشكيل حكومة جديدة، ما يعني أن لبنان يسير باتجاه ثنائية فراغ رئاسي وحكومة مستقيلة، إن لم يحدث تدارك للموقف، وفق مراقبين.
مؤشرات الفراغ: وفي حديث سابق مع "العين الإخبارية"، قال المحلل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن هناك عدة مؤشرات ترجح عدم إتمام الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.
ولفت الرز إلى أن أول المؤشرات يتعلق بعدم اتفاق الكتل النيابية على مرشحين ثابتين للرئاسة، بما أن وضع الوزير السابق سليمان فرنجية ليس مستقرا رغم ارتفاع أسهمه خلال الشهرين الماضيين، بسبب ظهور عراقيل وضعت أمامه على طريق القصر الجمهوري.
ومن أبرز تلك العراقيل؛ يوضح الرز، تراجع رئيس التيار الوطني الحر (18 مقعدا في البرلمان)، عن تأييد فرنجية الذي يلقى رفضا من القوات اللبنانية (19 نائبا) والنواب الجدد (13 نائبا) والمستقلين.
أما ثاني المؤشرات من وجهة نظر المحلل السياسي نفسه، فيكمن في أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للبنان قبل التصديق على قوانين الإصلاحات التي أقرها البرلمان، وهذه معضلة كبرى في ظل مجلس وزراء مستقيل ويصرف الأعمال، وعدم تشكيل حكومة جديدة بسبب سياسة شد الحبال بين الرئيسين عون ونجيب ميقاتي.
وفي هذا الصدد، يقول الرز إن عون يريد إنهاء ولايته بتعيين أكبر قدر ممكن من أنصاره في مؤسسات الدولة، فيما يرفض ميقاتي، منحه ذلك.