بلال حسن التل
نحتفل هذه الأيام بعيد قواتنا المسلحة، وهو احتفال يأتي هذا العام في ظروف مختلفة، يخوض فيها جيشنا حربا شرسة على حدودنا الشمالية التي تمتد لـ٣٧٥كم، وهي حرب مركبة تختلط في معاركها الحرب التقليدية لحروب الحدود مع حرب تهريب المخدرات والأسلحة، وحرب العصابات مع حرب الجيوش الرسمية غير المنضبطة، التي تتحالف بعض تشكيلاتها مع عصابات التهريب، ويختلط بها السياسي مع المالي مع الأطماع الإقليمية والصراعات الدولية.
فتحت عباءة هذه الحرب تختبئ عصابات إرهابية تحاول أن تستعيد عافيتها، وتنظيمات مسلحة تسعى لتمرير أطماع إقليمية، وصراعات دولية تحاول أن تصفي حساباتها عبر حروب يخوضها وكلاؤها نيابة عنها.
هذه الحرب الشرسة والمركبة تخوضها قواتنا المسلحة منذ فترة طويلة، لم تكن خلالها تعلن فيها عن مجريات هذه الحرب، حتى وصلت هذه الحرب القذرة إلى مرحلة متقدمة، وصارت معاركها شبه يومية، وصار تهديدها لأمن واستقرار المنطقة واضحاً، والأهم من ذلك أن خطرها صار داهما على الأردن، سواء من خلال تمركز المليشيات على حدوده الشمالية، أو من خلال استهداف أمنه واستقراره الداخلي بالأسلحة والمخدرات، وعبر استهداف الأردن يتم استهداف المنطقة المضطربة أصلاً.
وعندما وصلت هذه الحرب القذرة إلى هذا المستوى من التهديد الخطر، لم يعد الصبر والتكتم يجديان نفعا، فتحرك جلالة الملك نحو النشامى المرابطين على حدودنا يحمونها بالأرواح والمهج، فشحن جلالته معنويات جنوده وضباطه طالبا منهم «العين الحمرا» في مواجهة حرب العصابات والتنظيمات التي تتمول من سحت تهريب المخدرات والأسلحة، ثم حذر جلالته المجتمع الدولي والقوى الإقليمية مما يجري في الجنوب السوري حيث حدودنا الشمالية، وخطره على الاستقرار الإقليمي ثم الدولي، وكان تحذير جلالته بمنتهى الوضوح في حديثه مع الجنرال الأميركي المتقاعد?هربرت ماكماستر، ضمن البرنامج العسكري المتخصص الذي ينتجه معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأميركية.
بدورها قدمت قواتنا المسلحة رواية متماسكة ومترابطة ومدعمة بالحقائق والوقائع والأرقام، شرحت فيها ما يجري على حدودنا الشمالية، مما يشكل أرضية صلبة لسائر القوى السياسية والفكرية في بلدنا للتحرك باتجاه شد العصب الوطني، واستعادة الرأي العام الأردني إلى حضن دولته وبناء حاضنة شعبية حامية لظهر قواتنا المسلحة، من خلال جبهة داخلية متماسكة عصية على الاختراق، لكن ما حصل عكس ذلك تماما، فقد ظل جيشنا يخوض حرب الدفاع عن حدودنا، بينما ظل البعض في بلدنا غارقين في سباتهم، لا يخرجهم منها إلا دعوة لوليمة أو لجاهة عروس، وهو أمر ?ير مستغرب منهم فهم لا يمتلكون رؤية أو مشروعا وطنيا، حتى لا نقول إنهم لا يمتلكون انتماء وطنيا، إلا من رحم ربي وهم قليل، وليس أفضل حالا من هؤلاء في بلدنا بعض أولئك المحسوبين على الثقافة والإعلام، حيث لم نلمس دورا لهؤلاء في شد العصب الوطني حماية لظهر قواتنا المسلحة في حربها التي تتصاعد يوما بعد يوم على حدودنا الشمالية، بل ما رأيناه عكس ذلك كله خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انبرى البعض للتشكيك أو للتقليل من أهمية ما يجري على حدودنا الشمالية، ما يجعلنا نقول إن بيننا طابوراً خامساً يطعن ظهر قواتنا المسلح?، التي فشلنا بحماية ظهرها عندما فشلنا في توظيف مانواجهه من تحدٍ وتهديد لشد عصبنا الوطني، حماية لوطننا ومساندة لجيشنا الذي نقول له في عيده: كل عام وأنتم قرة عين الوطن وقائده.