الشاهد - أعلنت أحزاب يسار الوسط في فرنسا، قبل يومين، الاتفاق حول تحالف بشأن الاستحقاقات التشريعية المزمع إجراء دورتها الأولى في 12 يونيو المقبل، بهدف الحصول على ثقل برلماني يكون كفيلًا بعرقلة خطط الإصلاح المثيرة للجدل التي طرحها الرئيس الليبرالي الوسطي إيمانويل ماكرون.
وفي السياق، بدأ ماكرون سريعًا الاستعداد للانتخابات التشريعية التي ستحكم اسم رئيس الحكومة المقبل، وغير اسم حزبه من "الجمهورية إلى الأمام"، إلى "عصر النهضة"، وهو ما وصفه مراقبون بأنه رسالة للفرنسيين حول أولويات المرحلة المقبلة من ولايته الثانية للبلاد.
ويواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديًا كبيرًا يتمثل في الحصول على أغلبية برلمانية مريحة، تمكنه من تجنب الدخول في تحالفات سياسية قد تعرقل العمل التشريعي وتحول دون تنفيذ برنامجه، إذ يرتقب أن تحدد الانتخابات البرلمانية تركيبة الحكومة التي سيعتمد عليها ماكرون في خطط الإصلاح.
من جهته، يسعى جان لوك ميلنشون، مرشح أقصى اليسار في الدورة الأولى للانتخابات، إلى أن يصبح رئيس الحكومة المقبلة عبر الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد في الانتخابات التشريعية.
ويرى الصحفي المختص بالشأن السياسي مدير تحرير جريدة "ليفانت"، شيار خليل، أنه رغم فوز ماكرون على منافسته اليمينية المتطرفة ماريان لوبان بفارق كبير 28% مقابل 23.5%، فإنه بصدد مواجهة فترة رئاسية غاية في الصعوبة تتعلق بالتداعيات المحتدمة الخاصة بالأزمة الأوكرانية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وتأثر أوروبا بها إلى حد كبير، مؤكدًا أن الانتخابات التشريعية المقبلة لن تكون سهلة وسيكون التنافس فيها على مستوى عالٍ جدًّا.
في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، يقول شيار خليل المقيم في باريس، إنه على المستوى المحلي، هناك احتجاجات تواجه خطة ماكرون الإصلاحية التي تهدف لتشجيع بيئة الأعمال التجارية، بما في ذلك رفع سن التقاعد من 62 إلى 65 عامًا.
وحول التحديات التي تواجه ماكرون، يقول خليل إن أولها هو فوز فريقه في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في البلاد في يونيو المقبل، ليتمكن من تأمين أغلبية برلمانية يمكنها مساندته في تنفيذ برنامجه.
أما التحدي الآخر، وفق خليل، يمكن الاستدلال عليه من مقولة ماكرون في خطاب الفور، عندما قال: "أعلم أن عددًا من المواطنين الذين صوتوا لي اليوم، ليس لدعم الأفكار التي أحملها، لكن لمنع وصول اليمين المتطرف".
يرى خليل أن معالجة هذه الأمور تحتاج من ماكرون إلى برنامج جديد مختلف عن الخمس سنوات سابقة، يحمل مزيدًا من الجهد لتلبية متطلبات كل الفرنسيين من اليسار واليمين والوسط الفرنسي، فالخوف من قدوم اليمين المتطرف بات خطرًا حثيثًا.
ويؤكد خليل أيضًا على ضرورة الانتباه إلى أن أوروبا تعتمد بشكل كبير على فرنسا خلال السنوات الخمس القادمة، ففرنسا لها دور كبير في تقوية موقف الاتحاد الأوروبي وسياساته في المنطقة، لا سيما أن أزمة أوكرانيا لها اعتماد كبير على موقف فرنسا وإيجادها الحلول المناسبة لمواجهة الاتحاد الأوروبي للمطامع الروسية في أوروبا.
ويقع على عاتق ماكرون وبرنامجه الانتخابي، وفق خليل، الكثير من الجدية، في تلبية متطلبات الفرنسيين المحلية والدولية، أي أنه على ماكرون أن يخلق بيئة آمنة لسياساته تجاه أوروبا وتجاه الملفات العالقة في المنطقة، خاصة أن اليمين المتطرف يستغل الملفات الداخلية والخارجية لتشكيل بروباغندا بغزو أفكار اليمين لأوروبا.
ويقول خليل إن موقف ماكرون لا يحسد عليه، خاصة أن شعار حملته كان أنه رئيس لكل الفرنسيين، فالصورة التي تبناها في حفل تنصيبه وخطابه بأنه رئيس لكل الفرنسيين تحتاج إلى سياسات جدية لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد وتخفيض حدة التوتر التي خلقتها لوبان تجاه المهاجرين والاتحاد الأوروبي بشكل عام.
"سكاي نيوز"