بقلم : عبدالله محمد القاق
شهدت الجزائر تظاهرة عربية كبيرة وحاشدة باختيار مدينة العلم والعلماء القسنطينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2015 حيث شارك بهذه الاحتفالات وزراء الثقافة العرب ومن بينهم وزيرة الثقافة الدكتورة لانا مامكغ التي اجرت اتصالات مع نظرائها وزراء الثقافة العرب مباحثات ايجابية تتعلق بدعم العلاقات الثقافية الاردنية العربية واقامة مشاريع مشتركة تهم الاقطار الشقيقة والنهوض بالثقافة العربية ورفد المثقفين والموهوبين في الوطن العربي فضلا عن دورها الكبير في تقديم الشرح المسهب عن المشهد الثقافي البارز في الاردن كما التقت الوزيرة مع الاستاذ عبد العزيز البابطين رئيس مجلس مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري الكويتية وتباحثت معه حول التعاون الثقافي بين الاردن والمؤسسة الثقافية العربية الرائدة التي اسهمت في اعمالها على دعم الادباء والشعراء العرب والمثقفين وتقديم المساعدات الثقافية للمؤسسات الثقافية العربية فضلا عن دورها في تجسيد ثقافة حوار الحضارات والذي كان لي شرف حضور معظم ندواتها في باريس وقرطبة في اسبانيا وطهران والجزائر والقاهرة وتونس والمغرب وغيرها بحضور علماء ومثقفين ورواد الثقافة العربية وكذلك لقاءاتها مع الامين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي ومعالي الشيخ سلمان الحمود الصباح وزير الاعلام والشباب الكويتي وبحثت معهما تطوير العلاقات الثقافية بين الاردن والكويت بشكل خاص ودعم المشهد الثقافي العربي بشكل عام لقد ساهمت مختلف مشاريع البناء والتشييد التي استفادت منها مدينة قسنطينة (430 كلم شرق العاصمة الجزائرية) في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2015 في عودة «سيرتا» (اسم يطلق قسنطينة القديم) إلى واجهة الساحة الفنية والثقافية العربية والعالمية بعد سنوات من الركود عصفت بمكانتها كمـعقل لأهل العلم الفن والثقافة.
وانطلاقا من الرغبة الجزائرية فقد قامت الحكومـة الجزائرية بتخصيص اكثر من 400 مليون دولار لإنجاز حوالي 100مشروع بقسنطينة بعد اختيارها في ديسمبر/ كانون الأول 2012 مـن قبل المنـظمة الـعربية للـتربية والعلـوم والثـقافة أليسكو لاحتضان تظاهرة عاصمة الثقافة العربية.ومن بينها مشاريع لإنجاز 25 منشأة فنية ثقافية جديدة و74 مشروعا لإعادة الاعتبار للتراث والأماكن الأثرية وواجهات المدينة بالإضافة إلى المشاريع الكبرى المتمثلة في قاعة العروض الزينيت فندق الماريوت قصر المعارض والمكتبة العصرية.
وتعد قاعة العروض من أهم المشاريع التي استفادت منها مدينة «الجسور المعلقة» لانه مشروع ضخم ومتميز وهو يتربع على 60 ألف متر مربع وقد راعينا في إنجازه الهندسة المعمارية الأصيلة التي تجمع بين الأصالة والحداثة في شكل ثلاثي الأبعاد واجهاته من الألمنيوم والزجاج». حيث تضم هذه المنشأة قاعة عروض كبرى بها 3 آلاف مقعد من بينها 1000 مقعد متنقل وأخرى قابلة للطي الشيء الذي يعطي الإمكانية لتغيير شكل القاعة ويؤهلها لاحتضان مختلف العروض في حين تمتد الخشبة على مساحة 600 متر مربع مع إمكانية حجب أجزاء منها وفتح أخرى حسب الضرورة».
وهذه القاعة أعادت لمدينة العلم والعلماء (اسم يطلق على قسنطينة) مكانتها وجعلت منها قطبا وإشعاعا ثقافيا، يقول فوغالي، مضيفا «ستمكنها من احتضان مختلف التظاهرات الكبرى والعروض على اختلاف أنواعها بما فيها العالمية التي لم يكن بالإمكان الحلم باحتضانها قبل الآن لأننا في قسنطينة لم نكن نملك مكانا لها «.
واختيار قسنطينة لاحتضان تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2015 كان تقديرا للجزائر وتكريما لقسنطينة مدينة العلم والعلماء والفن والثقافة (أسماء تعرف بها قسنطينة) كما تراه وزيرة الثقافة نادية لعبيدي في تصريح لها مؤخرا.
وتضيف الوزيرة «كان من واجب الحكومة الجزائرية أن تكون في مستوى الحدث فخصصت غلافا (مبلغا) ماليا جد معتبر لإعادة الاعتبار لواجهة المدينة ومختلف منشآتها كما تم تشييد العشـرات من المشـاريع الجديدة سيكون لها دور كبير في إنجاح العرس العربي واستقبال ضيوفه في ظروف جيدة».«يضاف لذلك الـ 70 مليون دولار التي تم تخصيصها للشق الثقافي في التظاهـرة من أجل إنجاز وإخراج العشرات من الأعمال المسرحية وطبع الكتب وإخراج الأفلام وغيرها من الأعمال الفنية»، بحسب الوزيرةالجزائرية التي التقتها الدكتورة لانا مامكغ وبحثت معها كافة مجالات التعاون المشتركة بين الاردن والجزائر وحققت الوزيرة الاردنية التي رافقها الاستاذ حسام العلاونة مدير مكتبها خلال الزيارة فوائد كبيرة لجهة دعم الثقافة المثقفين والشعراء في الاردن وتطوير وتفعيل التعاون العربي الثقافي المشترك لما عرف عن وزيرتنا من نظرة ثقافية وصائبة وخطوات ايجابية تجسيد ثقافتنا ولغتنا العربية الاصيلة في مختلف المحافل العربية والدولية .
ومن المشاريع الأخرى التي استفادت منها قسنطينة في إطار تظاهرة الثقافة العربية التي انطلقت بشكل رسمي في 16 أبريل / يوجد قصر المعارض بمنطقة زواغي (12 كلم جنوب مدينة قسنطينة) والذي خصصت له الحكومة حسب مصدر بمديرية التعمير لولاية قسنطينة 17 مليون دولار .
واسـتفادت مختـلف أحـياء قلب مدينة قسنطينة وتلك التي احتضنت مختلف نشاطات التظاهرة من مشاريع بالجملة لإعادة الاعتبار لبناياتها وتـحسين واجهاتها مع إعادة رصف الأرصفة وتجديد الطرقات وإعـادة فتح الممرات الشيء الذي جـعل المدينـة عبـارة عن ورشـة قال مسؤول في مديرية التعمير أنها ستغلق خلال الأيام القليلة القادمة على أن يشرع في عملية تنظيف وتطهير واسعة بالمدينة كي يتم استقبال الضيوف في ظروف جيدة.
وتعد قسنطينة، حسب ما جاء في الدراسات التاريخية، من أعرق المدن المغاربية العربية والعالمية على حد سواء تقع بالشرق الجزائري وهي مبنية على صخرة من الكلس القاسي وقد أسسها الأمازيغ وأطلقوا عليها اسم سيرتا.
وحينها اختارها الملك الأمازيغي ماسينيسا عاصمة لمملكة نوميديا لتشهد بعدها مجموعة من الثورات والحروب تسببت في خراب ودمار كلي لها خاصة على يد الإمبراطور البيزنطي ماكسينوس الذي دمرها كليا قبل أن يقوم الإمبراطور الروماني قسطنطين بإعادة بنائها سنة 313 ميلادية وأطلق عليها اسم قسنطينة نسبة له وبعد ذلك مرت عليها العديد من الحضارات قدرتها بعض الدراسات التاريخية بـ 17 حضارة قبل أن يستقر بها العثمانيون لاكثر من 250 سنة . رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية