حمادة فراعنة
تستحق «الدستور» أن نحتفي بها، بمرور 56 عاماً على ولادتها، كصحيفة يومية، وزاد فكري سياسي إخباري، متنوع متعدد الرؤى والمواقف والسياسات.
ليست صحيفة حزبية، لم تكن ولن تكون، وليست صدى للمواقف الحكومية، تابعة أو إمعة لها، بل صحيفة رأي، وللكل الوطني، تحمل ما تستطيع لتسويق السياسات والأخبار الحكومية، والمؤسسات الرسمية، بقدر ما تحمل مواقف النواب والأحزاب وذوات المعارضة، والنقابات المهنية والعمالية، في حشد من التعددية، تتوسل القيم الديمقراطية والنزاهة، معبرة عن إرادة شعب يتطلع إلى ما هو أفضل وأنقى وأوضح.
مرت بظروف صعبة، سياسية، اقتصادية، مالية انعكاساً لواقع شعبنا وبلدنا، فهي جزء منه وله، دفعت ثمن انحيازاتها لكل ما هو طيب وصلب، ورغبة أكيدة في أن تكون وطنية أردنية أولاً، ورافعة لفلسطين وشعبها وقضيته ونضاله ثانياً، وقومية عروبية ثالثاً، تبحث عبر مسامات شعبنا عن الخبر والمعلومة والتحليل والمقال كوجبة تُقدم للقارئ، لتمنحه حُسن المتابعة، والاطلاع والإلمام بما هو مفيد، وإشباع حاجاته لزيادة المعرفة، واليقظة باتجاه العناوين والموضوعات والقضايا، ليسهل عليه الاقتراب من دقة الاختيار.
أجيال من الكتاب والصحفيين والعاملين والإداريين رحلوا، وواصلوا، وبقوا، لم تكن لفرد أو لعائلة، مع أن العديد من هؤلاء وغيرهم لهم بصمات وأفضال، ولكنهم وفق رياضة التتابع استلموا وسلموا، وبقيت «الدستور»، مرفوعة الرأس، بما حوت ونشرت ووزعت، وسجلت إنجازات وإبداعات وقدمت خدمات لشعبنا وبلدنا، وللشعب الفلسطيني وأمتنا العربية، كواجب، ومهنة، برفعة ومغزى وهدف.
ونحن مع من بقي وواصل، قبل الرحيل، نتباهى أننا كنا وعملنا وساهمنا وتعلمنا وقدمنا، كفريق، كأسرة، كمهنيين، وأصحاب مواقف، كسبنا وخسرنا، ولم نتردد في مواصلة الطريق والانحياز، لأننا نرى أنفسنا، نكبر بها ومعها، كلما أطلت على المشتركين والأكشاك والباعة يومياً لتصل لمن يهتم ويتابع، ويقول لك أنت فلان، الكاتب، الصحفي، صاحب القلم، صاحب الخبر، سواء كان مسؤلاً أو مواطناً عادياً، كل له تأثيره ومكانته، التي تنعكس علينا بالزهو والإحساس بالحضور واحترام الذات.
نحتفل بـ»الدستور»، ونحن نجتهد للمقاومة ومواصلة البقاء مع تراجع الصحافة الورقية، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، وصعود الغلاء، وانتشار أدوات التعبير والتواصل الالكتروني، مما يفرض البحث عن أدوات الإبداع والخلق كي تبقى الجريدة في الموقع الذي تستحقه إلى جانب الوسائل الإعلامية الأخرى.
نحتفل بـ»الدستور»، وكلنا ثقة أننا سننتصر مهما كبرت المتاعب والمعيقات والتحديات.