الشاهد - عبدالله العظم
في بداية عهده مع المعارضة وجد " خالد الكلالدة " نفسه على الطاولة مع نفر قليل من زملائه النقابيين و اخرون ، و هو يخط بيده منشورات يتناوب على صياغة فقراتها و مفرداتها مع نفر من الرفقاء المعارضين و التيارات اليسارية و القومية الذين يجدون في نقاباتهم مكانا يلتقون فيه و يتبادلون الآراء فيما بينهم ، الى ان عادت الحياة السياسية و الديموقراطية للبلاد في عام 1989 ، وبقي ملازما عمله السياسي كأمين عام حركة اليسار الاجتماعي 2007-2012 - و من بعدها جاء وزيرا و منسحبا من هتافاته النارية وشعاراته على دوار الداخلية .و على اثر ذلك اصبح عرضة للانتقاد نتيجة غضب معارضين و حراكيين كان معهم في الساحات و تظاهرات .
و بفترة ماقبل تركه ابواق ومضخمات الصوت على دوار الداخلية في حقبة ما سمي (بالربيع العربي) و وصوله الى الرابع ، كان الكلالدة مدير فني في مستشفى لوزميلا و رئيس هيئة ادارة صندوق التأمين الصحي/ نقابة الاطباء
وما بين الطب و السياسة مسافات طويلة فوارق كثيرة و متعددة ، فتلك مهنة انسانية ، و الاخرى مهنة تقود لتسيير لانسانية و تطويع الشعوب ..
صراع مع الذات و مع الآخرين
اختاره عبدالله النسور وزيرا لحقيبة التنمية السياسية و الشؤون البرلمانية ، و بدأ يمارس نشاطا ممزوجا مابين حوار السلطة التي يمثلها وبين نفيره الثوري ، و الاختلاف لهجته بالترويج للعمل الحزبي بصور مختلفة تناكف فطرته و طبيعه . ووقع مابين دبلوماسية اصحاب المعالي ، وبين الشخص الثوري المقيد داخل صدره ، لا هو قادر على وقف افواه النقد و اللوم المبرح و اسكاتها من قيادين رافقوا مسيرته و لا هو قادر على احتواء المعارضين الذين ابدوا منه تجهما ، و مازالت تسكنه روحانيات شيوعته و سفينتها التي دفعت به لليابسة المهجورة من ا صحابها (تفكك السوفييت) يخشى هزيمة المنتصر.
على الرغم من خبرته الطويله بالعمل السياسي و الحزبي الا ان الكلالدة لم يتمكن اثناء فترة توليه مسؤولية الوزارة من خلق حزب برامجي يقوم على اسس تتقيد بها الاحزاب و نظام لا يسمح بالعشوائية يبعدنا عن حزب الشخص الواحد ، و بخلاف ما كان متوقع منه ، لم يحدث تغيرا على وضع الوزارة القائم و منهج عملها الفاشل الذي كان و لازال سببا في تأخر الحياة الحزبية و لم يضع استراتيجية يمكن الثبوت عليها في انشاء حزب بطرق مختلفة عن ما هو مألوف ، و بقيى متأثرا في آلية التغيير التي تحميها مظلة المنظمات الدولية و مكاتبها المنتشرة في المناطق الاردنية التي لجأ اليها الحراك المشتت ابان فترة الربيع العربي ، دون ان يلتفت الكلالدة الى ان هذه المنظمات و مؤسساتها كانت جزء من فشل الاحزاب لقصر نظرها .
ولم تذكره فطنته بانها منظمات كسولة لا تعتمد على دراسات واقع المجتمعات كي تتوافق مع نظرياتها في تهيأة ارضية حزبية ، و مؤسسات هذه المنظمات تنظر للاردن بمنظار الدول المتخلفة و الغير مثقفة اجتماعيا لتصتدم بواقع غير ما تحمله من برامج ، خارج المألوف المجتمعي (دينا و اعراف و تقاليد ).و كل عنصر من هذه العناصر يحتاج الى مجلدات من الدراسات.
اقتنص الفرص قبل الآخرين
اثناء ما كان على رأس عمله " وزيرا " تناثرت فوق الاجواء السياسية معلومات حول توجه البلاد الى قانون انتخاب جديد وتسرب للكلالدة الخطوط العريضة التي يبنى عليها القانون من تيارات شاركت بالخفاء في اعداد مسودته ، و حينها مازال الكلالده يدفع ضريبة الوظيفة و اثارها على واقعه النفسي ، و بفطنته بادر على الفور بالتشابك مع عرابي القانون ،مغتنم الفرصة ، فأطلق شرارته الاولى بعبارات تدفع بالقانون و الترويج له بشتى الصور التجميلية ، من منطلق انه قانون يتفوق على صفته التشريعية ، و اعتبره استراتيجية ازليه وخطة ناجحة تمكن الاحزاب من الوصول الى البرلمان و تمكن الشباب و المرأة و تعطي مجال اوسع بالمشاركة الفعلية على اسس برامجية بعيدا عن الصوت الواحد ، و بالغ كثيرا في اجتهاداته بما يمكن ان تصنعه قوائم المرشحين .
حنكة و قلب للموازين
محصلة دفاعه عن القانون اعاد له الحضور بين الرفاق ، و لاقى استحسان بين اطياف اليسار ، مرحبا به و ملبيا دعواتهم للعديد من المناسبات ، و اتخذ من مواقع المحاضرات منبرا لاطلاق تصريحاته في سرد مفردات القانون ، وبات يعكسها على ارض الواقع كيفما شاء مدافعا شرس ، بروح قتاليه وسط معركة المنددين بالقانون و معارضيه و ما اثير حوله من جدل واسع ، حيث بقي الكلالدة متمسك به و التأكيد على انه يتناسب مع الوضع القائم بالرغم من ضعف الاحزاب وعدم مقدرتها على استقطاب القواعد الشعبية .
استطاع الكلالده ان يلفت نظر اوساط مشاركة بدائرة صنع القرار في العودة في تسليط الاضواء نحوه ، حين وجد فرصة من المشجعين لآرائه التي قدمها كأدوات تدفع بالقانون امام وسائل الاعلام و محاورة النواب ، و منها تم ترشيحه رئيسا للهيئة المستقلة للانتخاب على اساس مقاومة القوى السياسية المعارضة للقانون ، الى ان تم اختياره لمهمة سير القانون ، الامر الذي لم يتحقق بكامل ما كان يتوقعه الكلالده ، بل جاء بادنى من الشكل الذي طغى على ذهنه واماله عند فرز الصناديق و نتائج انتخابات المجلس الثامن عشر ، بينما العملية برمتها كانت فرصته التي وظفها بحنكة سياسية بحتة . استطاع خلالها استعادة عناصر و رفقاء من اليسار، و حافظ على البقاء في مواقع المسؤولية
العودة الى النبش في عش الدبابير
الآن و نحن امام استحقاق دستوري ، و الكلالده على ابواب مغادرة منصبه نيسان المقبل ، و بعد ان تلقى قصفا موجعا من عدة جبهات ، و اعباء واجهته في مراحله القيادية , فلم ينجو من اتهمات تزوير الانتخابات السابقة ، ليس من ممثلين من جبهة العمل الاسلامي التي تناوله فيها النائب ينال الفريحات و حسب ، بل و من مرشحين مستقلين ايضا ، و الطعن بنزاهته عند تقديم الاعتراضات على سير العملية الانتخابية.
و الى ذلك اليوم الذي تنتهي فيه مهامة ، بدأت تطغى على شخصيته مظاهر من الحدية ، مغادرا دبلوماسية اصحاب المعالي التي لبس ثوبها ، و اخذ يدلي بتصريحات خارجة عن مألوف مرحلته الاستثنائية و عودته الى حالات الانفعال .
نسرد ومن تلك المواقف ، تصريحاته قبل ايام التي تعمد فيها ان يرعب من سياتي بعده لمسك الهيئة المستقلة ، في قوله اثناء اجتماع قانونية النواب و بحضور وزيرة الشؤون القانونية وفاء بني مصطفي ( انا بسته اربعه مروح , لكن اللي بيجي بعدي وحياتك غير ينطخ على الصناديق ) و ذلك برده على الحضور النيابي على طاولة الاجتماع ، لتنكال عليه الانتقادات من كل صوب.
وبدت تصريحات الكلالده محاطة بكثر من التسؤلات تحتاج لمن يفك شيفرتها بما كان يعنيه من اشخاص او الشخص القادم مكانه , و دوافعه لهذا القول ، القصد منها ، ما يصنفه البعض على سبيل الاستعراض .
و قبل ذلك تصريحاته التي زعم فيها تعيين 80 نائبا من قبل مسؤول أمني سابق في انتخابات عام 2007 و كان يعني فيها مدير مخابرات اسبق .
يرمي لبعيد
قواعد السياسة التي نبت منها الكلالدة ، ان لكل قول يتفوه به السياسي للرأي العام قولان ,," قول في الباطن و قول للظاهر" ، و لا تندرج تصريحاته تلك تحت الهفوة " زلة لسان " مثلما يصنفها البعض . انما تشير الى بعد اخر في ادواته التي يستعملها بديناميكيته و يسخرها امام اهدافه ، حتى يغيرمن شكل صورته امام اتباعه الذين وصفوه انه من الموالين و الانقلاب عليهم في وقت سابق ، و انطباعهم عنه .
وحيث ان الكلالدة لا يجد نفسه بين صفوف المعتزلين للعمل السياسي ، و لذلك نراه عند كل محطة يغادرها لزوم عليه ان يركب القطار التالي ، فتصريحاته وهو لازال بموقع المسؤولية تهدف لاستعادة مفتاح الباب الذي خرج منه على سبيل العودة لكرسي ..... .