بلال حسن التل
ما كشف عنه تقرير نشر في إحدى الصحف اليومية عن أوضاع مقبرة وادي السير، حيث يجري حفر القبور لبيعها لدفن آخرين فيها بعد إخراج من فيها من قبل بعض من يسمون أنفسهم متعهدي حفر القبور، الذين يستسهلون دفن ميت مكان آخر، أو فوقه مقابل مبالغ مالية يدفعها أهل الميت، دون أن يعلموا أي مخالفة يرتكبها من أوكلوا إليه دفن ميتهم.
أقول أن ما كشف عنه التقرير على أهميته هو جزء يسير مما يجري في معظم المقابر على امتداد أرض المملكة خاصة في المدن والبلديات الكبيرة, حيث صارت المقابر تتحول إلى أوكار للرذيلة يتم فيها تعاطي المسكرات والمخدرات وغيرهما من الموبقات دون رادع من ضمير أو قانون، كما أن المقابر صارت أيضاً مخبأ للصوص ومخزناً للمسروقات، مما يستدعي تحركاً فورياً لإغلاق هذه البؤر الجرمية بقوة القانون وسيفه.
أمر ثانٍ تعاني منه مقابرنا هو انعدام النظافة فيها، وتحولها إلى مكاره صحية وأماكن لتجمع النفايات، مما يشكل دليلاً على استهتارنا بموتانا، وكذب كل تغنينا بهم على صفحات «الفيسبوك» ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى، فكم من اولئك الذين يحيون ذكرى آبائهم وأمهاتهم السنوية والعشرية والأكثر من ذلك ليظهروا أمام الناس بأنهم أبناء بررة، كم من هؤلاء كلف خاطره بزيارة ضريح أبيه أو أمه أو شقيقه ليساهم في تنظيف هذا الضريح بما علق به وحوله من أوساخ لا يجوز أن تكون في المقابر، التي هي في المجتمعات المتحضرة حدائق غناء، وعنوان من عناوين التنظيم والنظافة، وهو أمر يستدعي من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية التحرك لحماية حرمات موتانا، وهو واجب من واجباتها الشرعية قبل أن يكون واجباً قانونياً، كما أن المطلوب من أمانة عمان والبلديات القيام بواجباتها نحو المقابر من خلال حصر حفر القبور وتجهيزها وتحديد أماكنها بـ «الامانة» و"البلديات» فقط، ومنع أي شخص من مزاولة ذلك كله، كذلك فإن المطلوب تزويد كل مقبرة من المقابر بجهاز لحراستها وتنظيفها. فموتانا يستحقون الرقود بسلام، والوفاء يفرض علينا الإخلاص لمن سبقونا للدار الآخرة، والأهم من ذلك كله أن نعتبر بهم ونؤمن بأن هذه الحياة الدنيا مجرد محطة لا تستحق كل هذا الموت للضمير الذي يجعل صاحبه ينتهك حرمات الموت ويدفعنا للصراخ أحموا موتانا.
Bilal.tall@yahoo.com