عبدالهادي راجي المجالي
ماذا يمنع من أن يكون لي جدارية في عمان, جدارية عبدالهادي راجي.. ومن الممكن أن يزيح الستار عنها مثلاً: مفلح الرحيمي.. أصلاً أنا لا أفكر في تأليف كتاب أو رواية أو مجموعة قصصية, أفكر في جدارية...
وتمر الناس من جانبها, ربما ستسأل صبية في عمر الورد والدها: (مين هادا يا بابا).. ويجيب: (أنا عارف من وين بجيبولنا هالاشكال المئلعطه يا بابا)... ربما سيرمي أحدهم كتفه على جداريتي بعد مسير طويل وتعب.. وربما ستقف أم تهاني, بجانبها وتضع (ربطة الملوخية) عليها, وتنتظر (السرفيس) القادم من العبدلي..
أريد جدارية, مليئة بالألوان: الأحمر والأسود والفوشي, وأريد أن تتصل سيدة حامل مع برنامج صباحي, وتقول إنها في فترة الوحام, وكلما فتحت شباك غرفتها وشاهدت وجهي, أصيبت بالتعب.. كون وجهي لا يصلح لوحام سيدة في انتظار مولودها الأول, وتطالب بشطبها, بالمقابل تؤكد سيدة أخرى أن الجدارية جيدة وأنها حين يتعبها الأولاد تناديهم وتقول لهم: (هيو العو شايفينو)..
جدارية تحمل اسمي, وتكون مزينة بالشماغ, وتتجادل مجموعة من الصبايا اللواتي عدن من المدرسة للتو حول الصورة, واحدة تقول: (هادا كان بمسلسل أم الكروم), ثم تؤكد الثانية بأن وجهي مألوف جداً, وأن هذه الجدارية أنشئت لتكريم عمال النظافة في اليوم العالمي لهم, ورابعة تؤكد أني ضحية حادث دهس, ووضعوا صورتي هنا لتذكير الناس بالحوادث..
من الممكن أن تصبح معلماً في عمان, ويأتي بعض المراهقين عندها في الليل.. من الممكن ويقومون بتحطيم الإضاءة, من الممكن أن تكتب بجانبها وأسفلها بعض الشعارات المؤذية, ويقوم بعض المشاغبين بتشويه الأنف وتركيب (طاقية) لي..
أريد جدارية.. ليس لأجل الجدارية بحد ذاتها, ولكن حتى تتعب الجدران منا.. لقد اتعبنا كل شيء: الشوارع, المباني, والأشجار هي الأخرى تكسرت في العاصفة الثلجية, وأعمدة الكهرباء سقطت, بقيت الجدران.. أريد أن تتعب الجدران منا أيضاً.