عبدالهادي راجي المجالي
استشهد النقيب محمد الخضيرات, في اشتباك مع مجموعة حاولت اختراق الحدود.. وأنا صدقا لا أعرف أين جاءت الطلقة, ولكن ما أعرفه أن اشتباكا قد حدث وتم تبادل النار فيه.. ربما تلقاها في صدره, ربما في الرقبة... المهم انه الشهيد الخضيب دماً..
محمد الخضيرات هو عنوان الدولة, أو هو التعريف الدقيق لمعنى الدولة... لم يمت في غرفة دافئة, ولا في مشفى سويسري, ولا في جناح خاص صمم في فيلا فخمة... واحيط بالممرضات والأطباء, استشهد على التراب والبندقية في يده... والرصاص من يمنه وشماله ومن فوقه, باغته (اولاد الحرام)... ولو كانت مواجهة عادلة من دون غدر وتربص.. لأنشب في اجسادهم الف طلقة والف طعنة..
محمد يمثلني, هو الحزب الذي انتمي اليه.. نعم أنا انتمي إلى حزب محمد... ولنا مجموعة من المبادئ والاهداف, أولها القايش وثانيها (البوريه) وثالثها البلد... ونحن نعقد اجتماعاتنا السرية فقط بحضور الله والقلب, والعمل الحزبي لدينا هو ذاك التسبيح الذي تنطق به ألسنتنا بين صلاة الظهر والعصر.. والرسالة التي نحملها هي الرضا.
نعم أنا اعترف اني من حزب محمد, واعترف اني من (زلم محمد).. واعترف واقر بأن محمد ملهمي, واعترف ان (الرجال) لا تجرؤ ان تقف بجانبه.. بل خلفه لأنه طليعة الركب.. ولأنه الاجمل والأحلى والاعز.. واعترف أيضاً أني اغني للشهيد محمد دوماً: (وان كان محمد قايد الصفين...)...
انا لا اعرف على ماذا في بلادنا يتراشقون في المقالات... انا لا اعرف على ماذا يتبارزون في الندوات التلفزيونية... وعلى ماذا يتباكون... في حفلات توقيع المذكرات؟ لو كانوا مثل محمد يجيدون تركيب (الباغة) في الرشاش ويقدمون على الموت كالسيل الجارف لقلنا حقهم.. لو كانوا مثل محمد, يطلقون صرختهم على اللاسكلي: (ارمي)... لاحترمنا صرختهم.. لو كان لهم أولاد واحفاد مثل محمد, يقتحمون النار وحدهم ومعهم الله فقط.. لقلنا هذا حقهم, لكنهم لا يملكون عيونك يا محمد.. لا يملكون كفا مثل كفك.. ولا يملكون بدلة (فوتيك) زينها دمك... لا يملكون يا محمد بندقية ارتمت على كتفك وزغردت في المواجهة... وها هي تبكي عليك, هم يملكون مايكروفونات الصراخ... وهواتف ثمينة يصدرون عبرها الأوامر للسائق والطاهي ومدير المكتب والبنك... وهنالك فارق بين من يملك صوتاً جهوراً في التشهد, ومن يملك صوتاً لا صدى له سوى القلق والأنين..
نم بحفظ الله يا حبيبي وملهمي وأخي, أنت فقط استشهدت كي تخبرنا من هم العناوين الحقيقية للوطن.. أنت باستشهادك أصلاً أعطيتنا تعريف الوطن, ورحلت في ربيع العمر... ستذكرك ميادين التدريب لأنهم سيطلقون اسمك على واحد من الميادين... وسيسرد رفاقك للمستجدين في الخدمة العسكرية, عن زمنك.. سيسردون قصة النقيب الذي غدروه وباغتوه ولكنه ارسل لهم النار.. هم هربوا يا محمد هم جبناء.. وانت بقيت على ترابك الوطني, إلى أين تهرب؟ أنت أصلاً لا تجيد الهروب ولا تعرفه... أنت داويت الأرض بدمك... أنت الدواء للبلد وأهلها..
نم بحفظ الله ايها الشهيد النقيب البطل... واسمح لي ان أقول للجميع, إن حزبنا يا محمد حزب (القايش والبوريه).. سيبقى هو الحزب الأول والأقوى والأصدق, لأنه حزب المبادئ وحزب الفقراء.. وحزب الذين يمضون يومهم بين صلاة الظهر وصلاة المغرب في التسبيح.. فقط في التسبيح وليس في عد المال أو تفقد الأرصدة... أصلاً أنت الرصيد الحقيقي وأنت الوطن..
Abdelhadi18@yahoo.com