بقلم: عبدالله محمد القاق
يحتفل الاردنيون اليوم بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثالث والخمسين وسط انجازات كبيرة حققها الاردن في عهد جلالته على مختلف الصعد المحلية سواء أكانت الاقتصادية او السياسية او الثقافية، وغيرها في اطار الديمقراطية او بناء الانسان او تنمية الشباب.
فمنذ ان تسلم جلالته سدة العرش وهو يلعب دورا كبيرا في التنمية الاقتصادية حيث نجحت الخطط التي اعدت بارساء قواعد البيئة الاساسية للمجتمع المعاصر من خلال مجموعة من المشاريع الصناعية والاقتصادية والتجارية والتي واكبها تطور كبير في مجالات الصحة والتعليم والمواصلات والاتصالات والاعلام والاسكان وحماية البيئة.
لقد اتسمت سنوات حكم جلالته بالديمقراطية والشفافية والمصداقية في العمل والتطور الكامل.. انطلاقا من دور الراحل الكبير الملك الحسين طيب الله ثراه الذي بذل جهدا كبيرا لتطوير الاردن واستيعابه لقدرات المجتمع وتقاليده في العمل والعطاء.
ولقد عمل الملك عبدالله الثاني على بناء الانسان والوطن بصورة عصرية عن طريق المشاركة الواعية في مسار طبيعي تضيؤه استلهامات فكر جلالته للاعراف والتقاليد الاجتماعية الموروثة التي تؤثر الاسلوب الواقعي في التفكير والتطبيق، حيث لا يتم اقامة اية مشاريع كبرى ومهمة الا عن طريق الفهم والتخطيط لدفع عملية بناء الاسس الاقتصادية والاجتماعية في مختلف مناحي الحياة.
وخطة جلالته في التنمية تنطلق ايضا في بناء الانسان المعاصر وفق تراثنا القومي العريق وشرائع مبادىء ديننا الاسلامي الحنيف، فالشباب الذي يوليه جلالته جل الاهتمام لا يشكل مستقبل الامة فقط بل يحتل حيزا كبيرا واساسيا في حاضرها.. وهذا الامر لم يغب عن بال جلالته في اهمية ربط عملية التنمية برعاية الشباب وتفجير طاقاته لمواكبة خططنا التنموية، والوفاء بمتطلباتها من الكفاءات الوطنية ايمانا من جلالته بدور الشباب في صنع الحاضر والمستقبل وتأكيد حرصه على تنمية قدراته وتوفير احتياجاته الاساسية واعداده اعدادا قويا وفاعلا لخدمة هذا الوطن وبناء نهضته الزاهرة.
لقد حرص جلالته عبر لقاءاته مع القادة العرب والاجانب على دعم التضامن العربي والاسلامي وبخاصة القضية الفلسطينية والعراق الشقيق، وذلك انطلاقا من الانتماء العربي للاردن حيث تشكل قضايا ومشاكل هذا العالم المضطرب هاجسا رئيسا لجلالته الذي تتميز مواقفه ورؤيته بنظرة ثاقبة وعميقة حيال معالجة كل الاحداث بصورة قومية اثبتت صدق رؤيته وتوقعاته..
ولعل الزيارات التي قام بها جلالته للعديد من الدول الشقيقة هدفت الى تعميق الاتصالات والتشاور معها وبدء مرحلة جديدة من التعاون لمواجهة الاحداث الراهنة سواء في فلسطين وسورية وليبيا ولبنان واليمن او العراق وذلك من اجل انهاء الخلافات في الوطن العربي الواحد و وقف الاعتداءات الاسرائىلية على الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتوفير الامن والاستقرار للشعب الفلسطيني.
ولعل الزيارات التي قام بها جلالته الى الدول العربية وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي مؤخرا حيث شهدت تطورات مهمة على طريق تحقيق التكامل الثنائي بين الاردن وهذه الدول مما عزز من مسيرة الاردن واسهم في تقوية الصلات الاخوية الوطيدة التي تربط الاردن مع الاشقاء العرب خاصة وان السياسة الخارجية الاردنية ترتكز على قواعد ثابتة وتقوم على المصداقية والتفاهم والحوار والمصارحة والحرص على حسن الجوار واقامة العلاقات مع جميع الدول على اساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للاخرين والالتزام بمواثيق الامم المتحدة والمنظمات الاقليمية والدولية والوقوف الى جانب قضايا الحق والعدل واسهام جلالته الكبير في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.
وهذه السياسة الحكيمة لجلالته تسير في اتجاهين متوازيين هي علاقة الاخوة في الاسلام التي فرضها ديننا الحنيف، والخط الاخر هو الانساني باعتبار ان الاردن جزء من هذا العالم الكبير، وعلينا التعامل معه انطلاقا من وحدة الهدف والمصير المشترك.
ولا شك ان هذه المواقف القومية لجلالته وما يتمتع به من تقدير على المستوى الدولي تؤكد تعاظم الدور الاردني في ايجاد الامن والاستقرار في المنطقة حيث اسهمت هذه الزيارات الملكية للعديد من الدول الشقيقة والصديقة في توطيد اواصر الصداقة والتعاون لحل كل المشكلات السياسية والاقتصادية على المستويين الاقليمي والدولي، كاطار يضبط هذه العلاقات واتجاهاتها، وذلك بغية اعلاء مكانة الاردن الدولية وتفعيل دوره لصالح قضايا السلام والامن الدوليين. لقد بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني عهده الميمون في السابع من شباط العام 1999 معاهدا الوطن اخلاصا والدستور حفاظا عليه، حيث اقسم كل اردني محبا لوطنه وامته، من اجل العمل على بناء هذا الوطن وتقدمه وازدهاره.واستقراره .
لعب جلالة الملك عبدالله الثاني دورا كبيرا خلال سني حكمه فأسهم في بناء الانسان الاردني عبر لقاءاته لهذه الفئة الذين يشكلون اكثر من ستين في المائة من سكان الاردن.
ان هذه الاهتمامات من جلالته اسهمت بدعم دورهم البناء وتقدم المجتمع حيث شارك جلالته بمؤتمرهم وملتقياتهم فتبادل معهم الحديث في المدارس والجامعات وافسح المجال امامهم للمشاركة في لقاءات عالمية وعربية حيث رافقوا جلالته في مؤتمرات دافوس وغيرها حيث اسهموا اسهامات كبيرة في ابداء الرأي حيال مختلف القضايا الراهنة، بخاصة في ضوء ثورة الربيع العربي.
ان الدور الكبير الذي بذله وما زال يبذله جلالته قد اسهم في امكانية انضمام الأردن الى مجلس التعاون الخليجي نظرا لسياسته الوطنية والقومية، ورؤيته الثاقبة حيال قضايا الوطن والمواطنين باعتبار ان الاردن يمثل خطا وطنيا وقوميا للدفاع عن الأمة ويقف صلبا في وجه المؤامرات التي تحاك للأمتين العربية والاسلامية، فسياسة جلالته الخارجية تقوم على ضرورة تحقيق العدالة في العلاقات الدولية بين الدول بما في ذلك الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى واتباع سياسة حل النزاعات بالطرق السلمية ودعم المؤسسات الدولية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة.
لقد سعى الاردن بتوجيهات جلالته الى تعزيز التعاون مع الاشقاء العرب، وسعى من خلال هذه العلاقات القوية والمتينة الى تجسيد وتكريس التواصل عربيا ودوليا بغية دفع الجهود لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الاوسط، حيث لم ينفك جلالته عن المطالبة بضرورة دفع العملية السلمية واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، حيث اجرى جلالته سلسلة لقاءات بخاصة في الاونة الاخيرة مع الرئيس الامريكي اوباما والمستشارة الالمانية انجيل ميركل، والرئيس الفرنسي ساركوزي للتباحث حول افضل السبل لإحياء العملية السلمية وضرورة اجبار اسرائيل بوقف الاستيطان الذي يعد عائقا لإعادة العملية السلمية الى مسارها الصحيح.
كما دعا جلالته الى انهاء الخلافات بين فتح وحماس ودعوة الفصائل الى توحيد صفوفها من اجل مواجهة التحديات الراهنة.. وطالب بدعم المبادرة العربية للسلام التي اقرت في قمة بيروت كحل عملي وواقعي لازمة الشرق الاوسط.
ولم ينفك دور جلالته عن تقديم الجهود الدولية في مكافحة الارهاب والتأكيد على ضرورة وضع تعريف واضح للارهاب مع عدم اغفال الارهاب الذي تمارسه الدول وفي مقدمتها اسرائيل
ولعل احتضان الاردن للعديد من المؤتمرات الثقافية والدينية، والاقتصادية وخاصة مؤتمر دافوس الذي سيعقد في شهر ايار المقبل اسهمت في تشجيع ودعم الحوار بين الثقافات والديانات المتعددة انطلاقا من رسالة عمان السمحاء التي تدعو الى التضامن وانهاء كل الخلافات بين الديانات السماوية لأن سياسة الاردن تهدف الى دعم الثقافات المتعددة وتجنب الاعمال التي قد تعوق من هوة عدم التفاهم.
وبالرغم من كون الاردن محدود الموارد الا انه قام وبناء على توجيه ملكي بدور نشيط في تقديم المساعدات للدول العديدة التي ألمت بها الكوارث في الصومال والسودان وافغانستان وفلسطين انطلاقا من فلسفة جلالته بضرورة مد يد العون للمحتاجين، وهو في نظر جلالته يعد واجباً وطنياً وقوميا.
ولعل الدور الكبير الذي يبذله جلالته في سبيل توفير الامن والامان وتجسيد حقوق الانسان يمثل علامة مضيئة للاردن الذي واجه الكثير من التحديات.. وانطلاقا من قناعات جلالته الوطنية والقومية، فقد ظل الاردن حريصا على معالجة القضايا التي تهم الوطن، وهذا الحرص نابع من موروث ثقافي وقيم دينية تكفل العدالة والمساواة والتسامح.. حيث يلتزم هذا الوطن باحترام كرامة الافراد كافة، وضمان المساواة والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين وحظر الاعتقال او التعذيب واحترام الحريات والحقوق لجميع المواطنين.
فهنيئاً لجلالته بعيد ميلاده الميمون، مثمنين للقائد الباني الصحة والسعادة لبناء هذا البلد في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية كل عام وانت بالف خير يا سيد البلاد يا سليل اشرف الاسر في العالم. *رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية