الشاهد-إيمان العكور
أحقا ما اسمع..! هل صحيح انني لن أراك..!
أصدق أنك لن ترافقني الى المشاوير التي وعدتني بها عندما اكبر....!
أصحيح هذا الكلام ، لن أراك إلا صورا على جدران الشوارع ، لن أقضي وقتي معك ..!
هل أنتهت تلك الأحلام .... هل أنا سأبقى وحدي..!
هل سأولد يتيما على هذه الدنيا التي سرقتك مني..!
ألن تلعب معي كما وعدتني في اليوم الذي زفت لك امي خبر حملها بي..هل تذكر ذلك اليوم، كنت عائدا من تمرين جوي ، دخلت بزيك العسكري والابتسامة ترتسم على وجهك..!
قبلت يد جدي وجدتي ، وتساءلت عن المفاجأة التي يخبئآنها لك ، ثم نظرت الى وجه امي التي لم تستطع ان تخفي قسماته الخبر؛ قريبا ستصبح أبا يا معاذ..!!
وقفزت دموع الفرح من عينيك..ونبتت لك اجنحة حلقت بك في سماء البيت ..!
احتضنت امي وامتلأ البيت زغاريد وأحلام..!
لم تكن تتوقع انني سآتي بهذه السرعة الى عالمك وأنك ستتحول من معاذ الى ابو...!!! أتعلم انك نسيت ان تخبرني ما هو اسمي ..؟ اصريت ان تنتظر شهرين قبل ان تسميني ولم تكن تعلم انك بعد شهرين ستغادرنا روحك التي عشقتها الى سماءبعيدة ..!
لا ازال اذكر وجهك كل ليلة وانت تكلمني قبل ان تنام.. تخبرني عن الوطن والحياة وعن الأجنحة التي ساطير بها يوما ما.. وكنت تصر انني يجب ان أكون طيارا مثلك ، وأمي تقول : يا معاذ اترك الولد يختار مستقبله.. كنت ابتسم وأقول في نفسي : طبعا سأكون طيارا مثلك يا ابي ، أدافع عن وطني واحمي ترابه من اي يد شريرة تريد ان تعبث به..!
ياااااه كم من الاحلام نسجنا معا..!
احلام..احلام..!
وستبقى احلام ..!
اليوم رجفت ضلوعي وانا اسمع صراخ امي وبكاء جدتي ..لم اعرف ماذا حصل، فقد كانوا يتكلمون منذ شهر بصوت خافت وكلمات غامضة..كنت اقرأ الحزن في عيونهم ولا اعرف ما السبب..!
اسمع امي تكتم حزنها ليلا كي أنام انا قرير العين ..!
تحبك امي كثيراً وتتحدث عن رقتك للجميع وعن فخرها بك..
لكن اليوم.. خيم السكون على قلبي
وتسلل وجع الى قلبي الصغير .. سمعتهم يصرخون انك لن تعود..!
ان يد الغدر والوحشية اغتالت أحلامنا سوية.. ان نار الكراهية والحقد حرقت روحك الطيبة وسرقتك مني..!
أصوات وأشخاص وبكاء وصور .. امتلأ البيت
ومع كل صرخة كنت اشعر ان نبضي توقف
ان روحي خرجت من رحم امي لتلحق بك ..!
سمعتهم يتكلمون عن نار.. ومن دون ان يدروا تسللت يداك الي واحتضنتني كي تذهب الخوف من قلبي
قلت لي لا تخف يا بني..
لا تدع الجبناء يزرعون الرعب في قلبك الصغير
لا تصدق ما يقولون.. النار ستاكلهم وحدهم في النهاية
لا تخف.. لم يحرقوني ، بل احرقوا حقدهم على العالم
لم أتالم يا ولدي البطل .. كانت السنة النار باردة وحلقت انا فوقها الى سماء بلا حدود
لا تدع الوجع يتسلل إلى عروق قلبك .. فأنت ستحمل الراية من بعدي..!
الم تعدني ان تكون طيارا مثلي..؟!؟!؟!؟!
نعم.. أعدك يا ابي ان أطير في سماء وطني
انثر الفرح والياسمين فوق الارض
أعدك يا أب القلب الذي بدأ رحلة اليُتم من بعدك .. !
و يا حديث الروح إذ تُنهكني الوحدة .. ويا مؤنس نبضي حين يُدير العالم ظهره إليّ ..
ها هي أغلال الفقد تثقلني .. والأيام بدونك ستصبح دائرةٌ لا أعرف لها مبتدأ ولا منتهى !
أستغيثُ الطريق ..
قل لي أين بإمكاني أن أقف .. يضيّعني الوجد بعينيك المثقلتين بالتراب ..
ويضنيني رحيلك .. !
أتراك تسمع خفقان قلبي إذ يتسارع كلّما قلتُ اسمك .. معاذ
وكلّما قلتُ اسمك يمتد على شفاهي الياسمين ..
وكلّما آويتُ إلى ركنك تزهر الروح ولو كنتَ تحتَ التراب ...!
أعدك يا ابي .. يا معاذ
يا من عاكس أمواج الكون كي يسبح باتجاهي .. وحمل لي قارب حياةٍ لم يتسّع لكلانا ..!
إلى الذي كان يطرد النوم من عينيه .. كي أغفو فيهما .. ويأتيني حاملاً كلتا راحتيه ..
يوشوش لي : مثل هذه الراحتين قلبي هكذا .. يرتجيك : صبّ كل أوجاعك هنا .. أنا نخلتك حين تُتعبك الحياة .. فقط يا بني اتكئ على كتفي .. يسّاقط عليك الرضا والاطمئنان ..
وأنا وسادتك ..!
اعدك والدي العزيز البطل ..
واعاهدك بانني ساسير على خطاك ، جندي للوطن
حتى اااخر قطرة من دمي
واعاهد روحك الزكية
انني سآخذ بثأرك عندما اكبر من أولئك القتلة ..
سأرفع اسمك عاليا .. انا ابن الشهيد معاذ
الذي فاضت روحه في سبيل تراب الوطن
الذي طار نسرا محلقا وفضل العيش في السماء
سأكمل مشوارك وانضم الى صفوف الأبطال كي نخلص العالم من هذا الارهاب الاسود
لن ادع من اغتال أحلامنا يعيش حلما هنيا
سأقلب حياتهم الى سواد مثل قلوبهم
لن أنسى .. لن أنسى ..!
واعدك يا والدي معاذ انني سأهتم بأمي
ساعوضها عن الأيام القاسية التي ستعيشها بعد فراقك
سأنقل لها نبضك الذي يسكنني
واطلب منها ان لا تبكي.. لانك ترقبنا من السماء نسرا...
عروستك ستبقى عروسا
عروس الشهيد البطل...!
رماد رفاتك الطاهر سيبقى يحمل قطعة من قلب كل إنسان حر
ورأسك المرفوع كنسر يحلق بروح عشقت تراب الوطن هو درس يجب أن تتوارثه الأجيال في كتب البطولة والرجولة والانتماء ..
تحبّك الأرض يا معاذ .. ولما اشتاقتك ضمّتك إلى صدرها .. فأخبر الأرض عني .. علّها تترّفق بشوقي !
تحبّك السماء يا معاذ .. ولما اشتاقتك ضمّت روحك إلى صدرها .. فأخبر السماء عني .. علّها تترّفق بشوقي ..!
حلق عاليا مع الشهداء .. فلن انعاك..!
لن يليق بك و بشجاعتك أي نعي ... فأنت ستبقى النبض في عروق كل الأردنيين لأنك علمتنا الدرس الأغلى. ..!!
ان الوطن هو أغلى ما نملك .. وان لا كرامة لإنسان دون وطنه..!
فهكذا هم أبطال الوطن يموتون صامدون..!
حلق عاليا .. وسأكمل معك مشوار البطولة ..!!!
احبك ابي.. وساراك في أعين كل الاردنيين ..!.!.!.!.!
كلها اشهر قليلة واخرج الى هذه الدنيا .. فاطمئن انا امتداد لك ولشجاعتك
وسنلتقي يوما لنكمل الاحلام التي صنعناها سوية
ولاخبرك عن القصص غير المكتملة التي تركتها خلفك ..!
لا تخف ابي .. انت معي في كل مكان !!!!
اما أنتم يا من تسرقون الفرحة من وجوه الاطفال
يا من يملئ السواد والحقد والدم قلوبكم
اقول لكم :
انا ابن الشهيد معاذ الكساسبة
انتظروني ..!!!!!