د.سامي علي العموش
لا تقاس قدرة الدولة في التأثير بعدد سكانها وإمكانياتها المادية فهناك دول مؤثرة وعملت على إحداث تغيير نوعي، بالرغم من محدودية قدراتها إلا إن لها من التأثير كما هو القلب بحجمه الصغير متحكماً ومسيطراً ومسيراً وداعماً للجسم بكل الاتجاهات هكذا هي الأردن بما حباها الله بموقع متوسط وقيادة حكيمة تستطيع رسم ملامح الطريق لما هو قادم بالرغم من أن هناك كثير من المحطات التي تشكك بالقدرة والنوايا وتقدم سيناريو يعمل على الاحباط وهو لا يرى إلا الجانب المظلم بالرغم من تدفق النور في المحيط، هكذا هم من يضعون العصى في الدواليب لا لشيء فقط يريدون النقد والتشكيك ولا يقدمون الحلول وهم بكل صراحة مستفيدين من أن يبقى الوضع كما هو عليه وهذا قدر الأردن وعلى الجانب الآخر هناك من يرى بأن قادم الأيام يحمل في طياته أملاً يستند إلى واقعية التعامل مع الأحداث بعيداً عن المناكفة من خلال فهم عميق إقليمي ذا بعد استراتيجي لما هو قادم معتمداً على تحليل الوضع العالمي والسيناريوهات القادمة من هنا نرى التكتيك الذي لعبه الأردن في القمة الثلاثية التي عقدت في بغداد والتي حملت وستحمل في طياتها رسالة واضحة للغرب وللمحيط الإقليمي بأن الأردن قادر على تحقيق ما يريد في اللحظة التي يحتاجها القرار فهو ليس وحيداً ولديه أوراق كثيرة يستطيع التعامل معها بالإضافة إلى الملف الفلسطيني بكل أبعاده والوصاية الهاشمية على المقدسات هذه الأوراق جميعاً حملها جلالة الملك في زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية كعناوين رئيسية أمام الإدارة الأمريكية الجديدة المطالبة بالتغيير وفي مضمونها العراق بإمكانياته المادية الماء والبترول والأردن بما لديه من عناصر قوة وموقع متوسط واتصال ومصر في مساحتها وسكانها وجيشها كل ذلك يعزز فهماً وطرحاً جديداً وبتنسيق واضح مع قيادرة منظمة التحرير الفلسطينية تؤسس لمرحلة جديدة ذات عناوين مختلفة ولن ننتظر بعيداً فبعد زيارة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة سترى بأن هناك ملفات كثيرة ستطرح سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي تبعاً للمتغيرات الدولية والمصالح لكل الأطراف العاملة في الإقليم.
ومن يقرأ ما بين السطور لما هو قادم سيرى بأن هناك ولادة لقرارات جديدة ذات بعد إقليمي مستندة إلى مواقف دولية تحكمها المصالح المشتركة مما يؤسس إلى إجراء تغييرات على كثير من الملفات الداخلية وهنا ليس المقصود بذلك تغيير في الأشخاص وإنما هناك تأسيس لمرحلة قادمة عنوانها الإصلاح والإنفتاح على الآخر وتعميق الفهم المؤسسي في التعامل مع الأحداث من خلال القوانين الناظمة للحياة السياسية وإعطاءها الفرصة السانحة لتقوية عظمها حتى تكون قادرة على المنافسة بطروح ذات بعد وطني مستند إلى ثوابت لا نختلف عليها منها القيادة والوطن والايمان المطلق بالإنسان، هذا يؤكد بأن كل الذين يغردون خارج السرب سيعرفون بأن الأردن يمضي بخطوات ثابتة بالرغم من كل التحديات إلى بر آمن ومستقبل حر.